متى تستطيع الكائنات أن تكون شيئاً آخر غير (المالك) و (المملوك)؟
إن (الملك) قيد من قيود الفناء يتنزه عنه الخلود. إن المالك ليس أقل تقيداً بما يملك من المملوك المقيد بمن يملك، وإن نسبة الترابط بينهما لهي واحدة أو تكاد
إن الطبيعة حين ولدت أبنائها جميعاً، تسربت فيهم جميعاً فهم أجزاء متكاملة، كل جزء منهم يحمل جزءاً من الفكرة التي خلقوا ليعبروا عنها. إنهم متكاملون أو متداخلون، ولكنهم ليسوا مالكين ومملوكين!
كم بت أكره الملك المتحيز حتى في الحب. لا أريد أن تكون هذه (لي) أو تلك. أريد أن أكون عابداً. أن أنظر من بعيد إلى الهالات الإلهية المرتسمة حولها دون أن أمد يدي إلى شيء منها. أريد أن تغمرني غبطة شاملة. أريد أن أحس بالكمال الذي لا يحتاج، وبالرضى الذي لا يطلب، وبالإشراق الذي لا شعائر فيه!
تطهير الصنم
قال لي صاحبي - وقد رآني أدافع عنها بحرارة ضد نفسي وأدفع عنها كل ما قد رميتها به من قبل -: ويحك! أهي نكسة إليها بعد كل ما كان، وهل نويت الرجوع؟
قلت: كلا! لم أنو شيئاً، والرجوع - بعد - مستحيل. إنما أريد تطهير الصنم، كيما أتوجه إليه بالعبادة؟ فما أنا بمستطيع أن أعبده - وهو ملوث - وما أنا بقادر على البقاء بلا عبادة!
أنها يا صاحبي لم تخسر شيئاً بهذه الشكوك التي أحطتها بها، والتي حسرت عنها هالاتها المقدسة في نفسي؛ إنما أنا الذي خسرت: خسرت الإيمان وخسرت المعبود، وخسرت القبلة التي أتوجه إليها
أو تحسب يا صاحبي أن الآلهة يفيدون شيئاً من عبادة المؤمنين، أو يخسرون شيئاً من تولي الكافرين؟ كلا يا صاحبي إنما يكسب ويخسر أولئك الفانون الذين فطروا وفي قرارة نفوسهم ميل إلى الإيمان، وهو غذاء أرواحهم المعذبة، ومستقر قلوبهم الحائرة.
والرسل والأنبياء يا صاحبي! أتحسب أنهم ينشئون الإيمان في هذه القلوب إنشاء؟ كلا! إنما يحاولون فقط أن يردوا إليها الثقة والحرارة حين تخبو حرارتها ويتطرق الشك إليها، فيما كانت تعبد من قوة في السماء.