المقياس، والخلوق هو أنواع من الطيب أشهرها الزعفران
وكان ملوك مصر في العهد الإسلامي يحرصون على أن تكون لهم آثار باقية بجانب الروضة والمقياس، وقد اهتم الملك الصالح نجم الدين أيوب فأقام الأبنية الشامخة في الروضة (وكانت تسمى جزيرة مصر) وجدد البرج القائم على المقياس، وانتهز فرصة الفراغ من هذه الأبنية ليحتفل بها في يوم التخليق
فأين الشاعر الذي يسجل مجد ذلك اليوم المجيد؟
قصيدة وقصائد
من المؤكد أن ذلك اليوم لم تنشد فيه قصيدة واحدة، وإنما أنشدت فيه قصائد، فقد كانت مصر تموج بأفواج من الشعراء
وهذا الحديث لا يتسع لأخبار ذلك المهرجان، فلنكتفي بقصيدة التركي المستعرب، أو العربي المستترك، فما نظن أن له تاريخاً عند الأتراك
هذا الشاعر عربي اللغة، وإن كان تركي العرق، وقد وصف بالعتيق، فهل كان مملوكاً لأحد الأمراء؟
إن تعقبنا هذه القضية فسنزعج التاريخ في مرقده، وسنثير حوله مضجرات لا تطاق
المهم أن نسجل أن الشاعر كان معروفاً بالجمال والظرف، وأنه قهر أحد الوافدين من حلب على أن يقول فيه هذه الأبيات:
وكنت أظن الترك تختص أعين ... لهم إن رنت بالسحر فيها وأجفان
إلى أن أتاني من بديع قريضهم ... قواف هي السحر الحلال وديوان
فأيقنت أن السحر أجمعه لهم ... يقر لهم هاروت فيه وسحبان
وعيون الأتراك لها في الشعر المصري مكان دل عليه ابن النبيه حين قال:
يصدّ بطرفه التركيّ عني ... صدقتم إن ضيق العين بُخلُ
والذين رأوا المحيوي لم يفتهم النص على أنه كان فتى خفيف الظل، ولطيف الروح، ويكفي أنه عاش في عصر البهاء زهير، فتحت يدي نص صريح بأن البهاء كان نهاية النهايات في دمامة الوجه وقبح الخلقة، واضطراب الملامح، ومعنى هذا أن البهاء ستر دمامته بحلاوة اللسان، كما صنع الجاحظ في قديم الزمان!