والأرض، المدعو توفيق الحكيم ولد وشب ونما وكاد يدنو من الثلاثين، وهو لم يزل يدب على الأرض ويعيش فيها بالمصادفة. وكلما جئت إليك بلوحه لأجل التعيين. . .) فيسمع كأن الصوت العلوي يصيح به:(قلت لك اذهب عني الآن ولا تشغلني بهذا المخلوق!)
ولا شك في أن الذي خلق جسم توفيق الحكيم ورأسه، هو الذي خلق قلبه، ولا شك في أن الشيطان كان يأوي إلى هذا القلب حينما أملي على توفيق الحكيم هذا التجديف! والعجيب أن ينسى الحكيم هذا اللغو فيقول عن نفسه (ص ٢٤٨) إنه ملاك من ملائكة السماء! ثم يدعي (ص ٢٥٥): (أن شخصي غير مفهوم الآن حتى لنفسي! على أني أعتقد أني خلقت للخير لا للشر، وإذا نفذ إلي الشر فمنكم أنتم يا أصدقائي ومعارفي!) هكذا يدعي بعد الذي وصم به خلقه أنه خلق للخير لا للشر!) ثم يختم كتابه هذا الجميل الذي تمنيت أني لم أقرأه، بتلك الوثنية:(إني أومن بأبولون. . . أومن بأبولون إله الفن الذي عفرت جبيني أعواماً في تراب هيكله. إنه ليعلم كم جاهدت من أجله وكم كافحت وناضلت وكددت. . .)
ثم اللهم لا حول ولا قوة إلا بك مرة ثانية وثالثة وألفاً وألفين حتى تغفر لعبدك وابن عبدك توفيق الحكيم! أحقاً إن صاحب هذا التجديف هو ذلك الرجل الذي كنت في سذاجتي القديمة أتصوره في صورة سيدي العارف بالله السيد أحمد البدوي، أو على الأقل في صورة يوحنا المعمدان كما صور هو نفسه؟
لا. لا. . . لا تثوروا أيها المؤمنون فأنا والله محاميه ولست جلاده! لقد قال المتهم هذا الكلام وهو في ظروف تضايق حقاً. وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما معناه: أن الزاني لا يزني وهو مؤمن، وأن السارق لا يسرق وهو مؤمن. وكذلك إن توفيق الحكيم لم يقل هذا الكلام وهو مؤمن. وذلك هو السبب في بعض التناقض الذي كان يقع فيه وهو يقذف بخطاباته الكثيرة هذه على رأس (أندريه) صديقه الباريسي المسكين. ومن هذا التناقض أن يقرر أنه شيطان. ثم (يماحك!) فيقول إنه ملاك. ومنه أيضاً أن الإنسانية لم تخسر شيئاً إذا تمكن العلم الحديث من بتر الحب واستصاله. مع أنه يعود فيدعي أنه يحب الحب، وأن للحب عنده مقاماً كبيراً في الحياة. في كل حياة؛ ومن تناقضه أيضاً وقوعه في هوى (إيما) لا لشيء إلا لأنها عرفت كيف تعذبه بالتيه والدل والبعد وكل ما في معجم الهجران من هوان. ثم دلاله هو على ساشا الجميلة الجذابة التي اعترف بأنها أجمل من