للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كان في القاهرة في أواخر القرن الماضي مطبعة اسمها المطبعة العثمانية فنقل إلى مختار باشا الغازي القوميسير العثماني العالي حينئذ، أن فيها قائمة بأسماء أعضاء حزب تركيا الفتاة في جميع أنحاء السلطنة العثمانية، وكان السلطان عبد الحميد يخشى باس تلك الجمعية وأعضائها الأحرار، ولو عرفهم بأسمائهم لأهلكهم في جملة من اهلك منهم، ولشرد أهلهم وأسرهم كل مشرد، فراى مختار باشا ان الفرصة سانحة للزلفي من مولاه (وتحسين مركزه) فاستعان بالخديو، ورأى الخديو ان الفرصة فريدة (لتبيض وجهه)، في الأستانة فأمر ففوجئت المطبعة واقفل صندوقها الحديدي وختم بالشمع الأحمر انتظار الحكم المحكمة.

والهم الله من اطلع لورد كرومر على المسالة وأخبره بعاقبة وقوع تلك القائمة في يد الأستانة، فأرسل مندوبا من قبله ومعه سيف الاسكندر ففض ختم الصندوق الحديدي وفتحه واخذ جميع ما كان فيه من الأوراق. وبذلك انتهت المسألة وقطعت العقدة. ولو تركت للمفاوضات الدبلوماسية ما انتهت بأنجح من المفاوضات الدبلوماسية في مسألة نزع السلاح الآن!

ولم يسمع بعدها حس ولا ركز في موضوعها، ولا همس هامسكبيرا كان أو صغيرا، سوى احتجاج الصحف على انتهاك حرمة القانون وتدنيس قدس القضاء.

مصطفى كمال

رواية الأمريكي التائه معروفة؛ فر من العدالة الأمريكية إلى فرنسا ومن فرنسا إلى اليونان، لأنه رأى فرنسا خطر عليه واليونان بردا وسلاما على قلبه. فانزل في هذه على الرحب والسعة. فطلبته أمريكا فحكمت محكمة أثينا العليا بان تسليمه لا يجوز في نظر القانون الدولي، إذ ليس بين أمريكا واليونان معاهدة لتسليم المجرمين

فردت أمريكا بأن في أرضها نصف مليون يوناني ففهمت اليونان هذا الوعيد ورأت أن تنذر الأمريكي التائه ففر، ومازال تائها بباخرته حتى مر بالأستانة ووقفت باخرته في مياها. فطلبت أمريكا من تركيا أن تسلمه إليها وبلغ الطلب مصطفى كمال طبعا وقيل له القانون الدولي ثم القانون الدولي.

فسكت هنيئة ريثما راجع في مخيلته حكاية الاسكندر، وحكاية كرومر، وتصور رجال

<<  <  ج:
ص:  >  >>