للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زهرة العمر ص ١٦٦ (. . . أغالط نفسي؟ أخشى أن يكون حبي للموسيقى الأوربية مصدره أنها قبل كل شيء بناء ذهني. ذلك أن موسيقانا، وهي قائمة على الطرب والتأثير المادي، لا تسترعي مني اليوم أي التفات. والواقع أن الموسيقى الأوربية بناء فني ذهني، شأنها في ذلك شأن القصة التمثيلية، والهندسة المعمارية. . . بل شأن المذهب الفلسفي والتفكير الرياضي!.) فما قول الأساتذة محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي والقصبجي وفاضل الشوا في هذا الكلام العجيب عن الموسيقى؟! ومتى يحظى منكم الأستاذ الحكيم بشيء من المعادلات الجبرية وحساب المثلثات والجذور التكعيبية وقوانين طورشيلي وفيثاغورس، وجابر بن حيان والبيروني تبثونها له في ألحانكم لترتفعوا بها عن الطرب والتأثير المادي؟! لست أدري كيف تكون الموسيقى التي لا تطرب؟ ولست أدري كذلك كيف يكون تأثير الموسيقى مادياً؟! أعترف أولاً أنني لا علم لي مطلقاً بالموسيقى كعلم. . . بيد أني أطرب، وهذا ما يعيبه الأستاذ الحكيم على الموسيقى الشرقية - كموسيقى عبد الوهاب والسنباطي والقصبجي وفاضل الشوا، وكثيراً ما أكتفي بالإصغاء إلى المقدمات الموسيقية عن الغناء، لكنني ما أحسست مرة أن يدي أو رجلي أو ظهري مثلاً أو أي عضلة من جسمي هي التي وقع عليها التأثير الموسيقي؛ بل الذي كان يتأثر في كل مرة هي روحي:. . أي أعصابي. . . والذي أعرفه أن المخ هو مركز الأعصاب كما أنه مركز الذهن. مع علمي بأن جدلاً كثيراً يدور حول هذه الحقائق النسبية. . . فكيف إذن يريد الأستاذ الحكيم أن تقوم موسيقى على غير التطريب؟ وماذا يعني بقوله إن الموسيقى الشرقية تقوم على الأثر المادي؟! أنا أفهم أن يقال إن الموسيقى الشرقية ما تزال متأخرة بل جامدة برغم ما أنشأ فيها عبد الوهاب والسنباطي والقصبجي وفاضل الشوا وغيرهم من كرام الموسيقيين، ولكنها تستطيع مع هذا، أن تقف على قدميها إلى جانب الموسيقى الغربية، وتستطيع أن تفاخرها بميزات (روحية) ليست لها. . . أخشى يا حضرات الموسيقيين الشرقيين عبد الوهاب والسنباطي والقصبجي والشوا أن يضحك الأستاذ الحكيم ملئ شدقيه من كلامي هذا عن الموسيقى الشرقية التي ابتدعتم فيها الأعاجيب فماذا أنتم صانعون؟

على أنني أحب أن ألفت نظر سائر الفنانين المصريين إلى ثورة الأستاذ توفيق الحكيم

<<  <  ج:
ص:  >  >>