يا منزلاً قضت الصبابة لي به ... ذمم الصبا ومآرب العشرين
أيام البس للغواية ثوبها ... وأجر ذيل خلاعة ومجون
وأجيب داعية التصابي ملقياً ... رَسَني إليه يضل أو يهديني
ليت الذين ولعت من كلَفٍ بهم ... حفَلوا بحرّ تلهفي وحنيني
قد كان يضحكني الزمان بقربهم ... فاليوم عاد ببعدهم يبكيني
وأقول من جديد إن المعاني ليست جديدة، فقد طاف بها كثير من الشعراء، ولكنها في نظري جديدة ومبتكرة، لأن الشاعر يحسها بأقوى ما يكون الإحساس، أليس هو الذي يقول في مطلع إحدى المدائح:
طاف بنا والليلُ في ثوب خَلَق ... يلمع من خلاله نور الفَلَق
والنجم يخبو تارة ويتألق ... مثل عيونٍ كابدت طول الأرق
خيالُ من أسكنَ جنبيَّ القلق ... جبينهُ الشمس وخدُّه العَبَق
يبدو فما أرمقه فيمن رمق ... يأمرني الوجد وينهاني الفَرَق
وهنا أقول إن هذا خيال لم أجده عند غيره من الشعراء، وهو بهذا الخيال وثب وثبة تطرب الإنس والجان
وعلى المتسابقين أن يتأملوا في معاني هذه الأبيات، فقد يكون فيهم من يعرف من أسرارها مالا أعرف، والشعر كالحسن تتفاوت في فهمه الأذواق
شاعر مبدع
هو أيدمر الذي أراد أن يأتي في المديح بالطرب والرقص، فهو الذي يقول في ممدوحه بعد ذلك النسيب:
ألذَ من وصف الغزال المنتطقْ ... ومن مناجاة الخيال إن طرَقْ
مدحُ فَتًى ذكراه مِسكٌ ينتَشَقْ ... لكنها في حلق شانيه شَرَق
صدرٌ بهىُّ الخَلق مرضىَّ الخُلُق ... خوَّله الله تعالى ورَزَقْ
من المعالي كل ما جلّ ودقّ ... سابقَ أرباب المساعي وسبقْ
مشياً وهم بين ذميلٍ وعَنَقْ ... لو قذف النجم بعزم لاغترق
أو ضرب البحر بكفّ الفَرَق ... أو رجم الطود بحلم لصعق