للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كل مكرمة. ولا شك أن الأحوال السياسية في عصره، والخلاف بين العرب والترك، ومحاولة الأولين التخلص من حكم الآخرين، وقيام الشعراء من العرب بمهاجاة الترك؛ لا شك أن ذلك كله كان حافزاً للطويراني على الاجتراء على العرب وتنقصهم. ووجد في صحفه ومجلاته التي أنشأها أو اشترك في تحريرها مجال الكلام واسعاً؛ فأحفظ ذلك عليه كثيراً من الشعراء العرب كالشيخ إبراهيم اليازجي

ولقد نقل الطويراني الخلاف بين العرب والترك إلى خلاف بين الأصل السامي والأصل اليافثي. فهو يقول:

أرى الفخر للأتراك من عهد يافث ... ومن عهد افراسياب ليس مرسغاً

فلا شهم في الدنيا كجنكيز قاهر ... ولا ثأر أغلى من طغا جار إذ طغى

ويقول من قصيدة أخرى:

فإنا بنو عثمان لا الضيم عندنا ... يعان ولا يوماً على جارنا يقضى

وهو هنا يرد على ما رماهم به العرب من الظلم ونقض الجوار، ولما استفزه اليازجي بالشعر المر الموجع في تعداد مظالم الترك رد بقصيدة ميمية طويلة خانته فيها لباقته، فرمى العرب بما لا يليق أن ترمى به أمة كريمة عزيزة من دولة كان يرتفع فوقها علم الخلافة الإسلامية، حيث قال:

ملكناكم حيناً سوائم جهلا ... تتيهون في دوِّ الهوان نعائما

فلما اكتسى العاري وأشبع جائع ... وأصبح مخدوماً فتى كان خادماً

جهلتم حقوق الترك وهي جليلة ... ولم تحفظوها، شيمة الحر، أنعما

وشوهتم الحسنى بما قد بدا لكم، ... وقلتم كذا كنا وكنتم وبئس ما. . .

وقد طالت هذه القصيدة وجمح القلم من يد صاحبها، ولكنه عاد في النهاية فلطف الكلام بقوله: -

وقد أنزل الله المؤاخاة بيننا ... فلا تجعلوها أخوة تسفك الدما

وأنا بكم حقاً كما أنتم بنا ... كلانا أخ في الدين يبغي التلازما

ولا فضل إلا بالتقى وهو بيننا ... سواء وفضل الله خص وعمما

وكل أبوه في الحقيقة آدم ... فمن شاء تذليلا لأصل فآدما

<<  <  ج:
ص:  >  >>