زمناً طويلاً. . . ووالله ما انصرفت عنه قالياً أو سالياً، لكنني ذكرت ما وعدنا به علي محمود طه ولما ينجزه. . . فتجدد حزني على شوقي. . .
ومضت سنون سبع، وطلع علينا شاعر اللذة والجمال بليالي ملاحه التائه، وبه تلك المجموعة الشائقة من روائعه التي قرأناها كلها في الصحف، ثم ذكرت وعده الذي وعد، وأنه لم يف لكعبة الشعر في الشرق بشيء من هذا الوعد، فرحت أردد الذي رددته من قبل من شعر علي محمود طه:
أيها المسرح الحزين عزاء ... قد فقدت الغداة أقوى دعامه!
ثم طلع علينا الملاح التائه (بأرواحه الشاردة)، فقلت: لا بأس. . . روح الشاعر تعانق أشباح أشباهه! ومن يدري؟ لعله لا يزال يستعد. . .
ثم فاجأنا (بأرواح وأشباح) فلما قرأتها فغمني فيها أريج من دانتي. . . إنها رحلة الشاعر إلى السماء، حملته إليها ربة الشعر:
إلى قمة الزمن الغابر ... سمت ربة الشعر بالشاعر
يشق الأثير صدى عابرا ... وروحاً مجنحة الخاطر
مضت حرة من وثاق الزمان ... ومن قبضة الجسد الآسر
وأوفت على عالم لم يكن ... غريباً على أمسها الدابر
فلما فرغت منها، وأفقت من حلمها اللذيذ، سمعت رجع أصدائها تملأ أذني من منظومته القديمة (الله والشاعر)، فعدت أستغفر له الله. . . وأشبهه بالدهر الذي يقول فيه أبو العلاء:
يا دهر يا منجز إيعاده ... ومخلف المأمول من وعده!
لولا هذا الجمال الذي عوضنا به مؤقتاً، والذي أودعه أشباحه وأرواحه
ثم حيانا علي محمود طه بزهر وخمر، وكنا ننتظر البشرى الثمينة التي كان قد زفها إلينا صديق عزيز، ثم ملأ أيدينا بالبشرى نفسها. . . لقد أنجز علي محمود طه ما وعد. . . لقد أصدر أغنية الرياح الأربع! ولقد أصدرها باقة يانعة من السحر والشعر والجمال والخيال
حانة جميلة على شاطئ فينيقية الساحر في ثغر ببلوس حيث وجدت إيزيس جثمان أخيها وزوجها أوزيريس، في ميثولوجيا المصريين القدماء، يملكها ويديرها خمار يوناني يدعى أرسطفان، لا يهمه من الحياة إلا حطامها الفاني. . . وله زوجة رائعة الجمال لا يهمها من