للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولكن يستبعد جداً أنه ولد في سنة ٢٣ التي اعتمدها خضرة البحاثة المتحري البارع في تحري الأعمار والأوقات، لأن أم عروة أسماء بنت الصديق ولدت قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة وليس هو بآخر أولادها، ويندر جداً أن تلد المرأة بعد الخمسين

ومع كل هذا لا نرى نحن أن نجعل رواية من روايات السنوات والأعمار مبطلة لمقال أو قصيد على سبيل الجزم الذي لا مراجعة فيه؛ فعمر بن الخطاب نفسه مختلف في عمره بين خمس وخمسين سنة كما يقول ابن قتيبة، وثلاث وستين كما يقول الواقدي ومن جاراه وحديث الإفك نفسه مختلف في سنته مع اتصاله بتنزيل آيات من القرآن في موضوع البراءة وموضوع الحجاب، وتواريخ الآيات أولى بالتمحيص من تواريخ الأحاديث أو تواريخ الأشعار

وقد طبعت لجنة التأليف والترجمة التي تصدر (الثقافة كتاباً اسمه إمتاع الأسماع جاء فيه صفحة ٢١٥ (أن غزو بني المصطلق التي قال أهل الإفك فيها ما كانت في شعبا من السنة السادسة) ثم جاء فيه بالصفحة التالية: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عسكر يوم الثلاثاء لثمان مضت من ذي القعدة سنة خمس، وقيل كانت في شوال منها، وقال موسى ابن عقبة: كانت في سنة أربع، وصححه ابن حزم، وقال ابن إسحاق في شوال سنة خمس، وذكرها البخاري قبل غزو ذات الرقاع واستعمل على المدينة ابن أم كلثوم)

أفبعد هذا الاختلاف في تواريخ القوم للمناسبات التي هي أجل من شعر عروة بن الزبير وأولى بالإثبات يريد صاحب أن نطيل الوقوف على عمر عروة لأنه قال كلاماً يجوز أن يقول كل إنسان، بل هو معنى كل ما قيل في عرضه وفحواه على ألسنة جميع المسلمين

إننا أطلنا الوقوف حيث ينبغي أن يطول وقوف الباحث الحريص على كرامة محمد وذويه

أطلنا الوقوف حيث كان أمثال هذا الناقد الحاقد يتقبلون الروايات وهي أغرب ما يروي وأيآه عن المعقول وأولاه بإنعام النظر ودفع الشبهات

كانت روايات من أقوال الأقدمين تذكر أن النبي عليه السلام خطب السيدة عائشة وهي في السادسة وبني بها وهي في التاسعة. وكان هذا مجالا لأعداء الإسلام وأعداء نبي الإسلام يبدؤون فيه ويعيدون، ويجدون المستمعين والمتشككين حتى بين المسلمين. فهنا مجال لإطالة الوقوف يعبره أمثال هذا الناقد الحاقد مهرولين ويجهلون ما وراء من الزور الأثيم

<<  <  ج:
ص:  >  >>