للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم يصف القاضي ابن عبد الظاهر مسير الرسل المصريين إلى القرم. ثم رحيلهم عنها إلى أن بلغوا شواطئ نهر إيل (الفلجا) في واحد وعشرين يوما. يقول:

وهو نهر حلو سعته سعة نيل مصر، وفيه مراكب الروسن وهو منزلة الملك بركة. وحملت إليهم (إلى الرسل) الإقامات والأغنام طول هذه الطرقات)

ولما اقتربوا من المخيم (الأردو) قابلهم الوزير شرف الدين القزويني، وهو يحدث بالعربية والتركية وأنزلهم في ضيافة الملك

ودعاهم الملك بركة من الغد فساروا إلى مضربه في صحبة الوزير شرف الدين. وعرفوا آداب الدخول على الملك

يدخلون إلى الجهة اليسرى؛ فإذا أخذت منهم الرسائل ينتقلون إلى اليمن، ويقعدون على الركبتين. ولا يدخل أحد بسيف أو سكين، ولا يطأ عتبة الخيمة. . . الخ.

كان الملك في خيمة عظيمة تسع خمسمائة فارس مكسوة باللباد الأبيض ومبطنة بثياب نفيسة ومزينة بالجواهر، وهو جالس على سرير، واضع رجليه على كرسي فوقه وسادة، لأنه كان مصاباً بالنقرس، وإلى جانبه الخاتون الكبرى، أي كبرى زوجاته (طقطفاي خاتون) - وكان له امرأتان أخريان ججك (زهرة) خاتون دكد (جوهرة) خاتون، وعنده زهاء خمسين أميراً على كراسي. وكان بركة كما روى ابن عبد الظاهر: (كبير الوجه خفيف اللحية في لونه صفرة، يلف شعره عند أذنيه، في أذنه حلقة ذهب فيها جوهر مثمنة. وعليه قباء خطائي وعلى رأسه سراغوج وفي وسطه حياصة ذهب مجوهرة معلق بها صولق بلفاري أخضر، وفي رجليه خف كيمنخت أحمر وليس في وسطه سيف، وفي حياصته قرون سود مقمعة بذهب)

دخل الرسل وأدوا رسالة الملك الظاهر فسر بها بركة سروراً عظيما، وأمر الوزير فقرأ الكتاب، وأمر بأن يجلس الرسل من يمينه خلف الأمراء الذين بين يديه، وقدم لهم القمز ثم العسل المطبوخ، ثم اللحم والسمك، ثم أمر بإنزالهم عند زوجه ججك خاتون وانصرفوا آخر النهار من الغد إلى منازلهم

وكان الملك بركة يدعو الرسل كل يوم يحدثهم ويسألهم عن أخبار مصر وعجائبها: سأل عن النيل والمطر وعن الفيل والزرافة، وقال سمعت أن عظماً لابن آدم ممتد على النيل

<<  <  ج:
ص:  >  >>