الانتخاب فليس هذا أوانه أبداً، لأن تسعة أعشار النساء في مصر يرسفن في أغلال الجهل والفاقة والأمية والخرافات، وليس من الطبيعي أن نكلف هذه الأكثرية العظمى فوق طاقتها بأن تفكر في الانتخابات وتعنى بالشئون العامة، وهي لم تنل بعد من الضروريات ما يجعلها تعيش كانسان، وإذا كانت جمهرة المنتخبين من الرجال في مصر لا يحسنون استعمال هذا الحق بعد فكيف يكون حال النساء؟ أليس عملكن هذا كمن يرى بائساً جائعاً يموت من الطوى، وعرياناً تقف أعضاؤه وتيبس من البرد فيعرض عليه نزهة في سيارة؟! إن المرأة الأوربية التي تحاكينها لم تنل هذا الحق إلا بعد أن صار التعليم في ديارها أكثر من تسعين في المائة؛ ففي إنجلترا مثلاً لم تنله إلا في هذا القرن، ومنذ سنين معدودات. وأولى بنا ألا نفكر في هذا إلا بعد أن نبلغ هذا القدر من التعليم
إني أتمنى كل الخير للمرأة المصرية فهي نصف الأمة أو تزيد، وأرجو أن تخلص الحركة النسائية في مصر لقضية المرأة فلا تهتم بالزخارف وتغفل الجوهر، وتقلد المرأة الغربية تقليداً أعمى في آخر ما وصلت إلية. إن الخطوات الطبيعة للنهوض بالمرأة المصرية أن يحشد المتعلمات جهودهن لإزالة الفقر والجهل ومحو الأمية وتنوير عقول الجمهرة من نسائنا، حتى لا يخلدن إلى الخرافات والخزعبلات والرقي والتعاويذ
أما الشطط الذي يلج فيه بعض المتعلمات حين يطالبن بتغيير الشريعة الإسلامية في الطلاق والميراث فيتم عن عدم تبصرة بمبادئ الإسلام، وما نتضمنه من خير عميم للمرأة المسلمة تحسدها عليه كل امرأة أخرى في العالم. ولست هنا في صدد بيان هذه المبادئ والإفاضة في شرحها، بيد أني أقول: إذا كان بعض الرجال قد حاد عن نهج الدين وأساء استعمال هذا الحق ولم يستمع لقول نبي الإسلام عليه السلام (أبغض الحلال عند الله الطلاق)، فلن يكون عمل هذا النفر دليلاً ما على أن الشريعة الإسلامية لم تتوخ العدالة ولم تعرف أي الجنسين أولى بأن يمسك عقدة الطلاق. فالمرأة مرهفة الحس رقيقة العاطفة، سريعة التأثر، وزوجها مكلف شرعا بالإنفاق عليها وعلى بنيها، فهو يقدر التبعة حق قدرها ويأخذ حقه الطبيعي. إن مآسي الطلاق في أوربا تفوق الحصر، ويضطر أولو الأمر في لندن لإنشاء محكمة للطلاق كل عام حتى تناهض عدد القضايا الكثيرة، فخير لنا أن نحترم شريعتنا وأن نبث تعاليم الدين الصحيح بين أفراد الشعب، وألا نغالي في ظلامات النساء.