وإني لأشكر لكم صنيعكم، فقد رحمتموني من هاوية كنت سأتردى فيها إن طال حبي لكم، وكان ثورة وجدانية تزلزل أقطار السماء
انتهينا من العتاب، أليس الأمر كذلك؟
وانتهينا من ليالي مصر الجديدة وليالي حلوان، وانتهينا من الظهريات الجميلة بحديقة الشاي في حدائق الحيوان. . . هل تذكرون يا غادرين؟
وانتهينا من جمع كسارات الكأس المصدوع، في تلك الليلة، وهي ليلة لن تعود، ويا ليتها تعود، فلو صرتم رمة بالية لرجوت أن أستروح منكم روح العطر النفيس
لا تسألوا عني بعد اليوم، فقد تبت توبة نهائية عن الغرام بالتماثيل، وهي أبدان بلا أرواح
أنا أحسنت الظن بمن لم يكونوا لحسن الظن بأهل، فلتعاقبني المقادير بما تشاء، وعدل من الله كل ما صنع، كما قال أستاذنا العباس بن الأحنف، عليه رحمة الحب!
كانت غايتكم أن تستأثروا بقلبي، وقد حاولت النجاة بقلبي فلم أفلح، ثم كانت العاقبة أن نصير إلى ما صرنا إليه، وما أفظع ما صرنا إليه!
الغدر مسخكم فأحالكم صورة ميتة برقشتها ريشة رسام جهول
هل تذكرون تأريخ العيون الكحيلة، وكانت أجمل ما رأت العيون؟
استفتوا المرآة، ثم حاسبوا ضمائركم، إن كانت لكم ضمائر، لتعرفوا أن سواد عيونكم لم يكن إلا منحة خلعها عليكم سواد قلبي، وهو قلب يمنح الرهبة والسحر لسواد الليالي وسواد الخيلان.
وقد استرددت تلك المنحة بعد أن أيقنت أني خلعتها على من يكفر بالجميل، ولست أغنى من الله وهو مع غناه عن الثناء يؤدب من يتعم عليهم فيطالبهم بالثناء
تخطروا إن شئتم في شارع فؤاد، وانظروا هل تلتفت إليكم عين أو يخفق لكم قلب؟
أنا أبدعتكم إبداعاً لا نظير له ولا مثيل، وغاب عنكم جميلي فجحدتم جميلي، وغضبة الله والحب على من يجحد الجميل.
لن أبكي عليكم، ولكني سأبكي على أخلاقي، وهي جديرة بالبكاء.
كنت أعتقد أني من رجال الأخلاق، ثم ظهر أن في صدري غريزة وحشية تشتهي الاقتتال والافتراس، وإلا فما الذي يمنع من أن أنتصر على كبريائي فأسعى إلى داركم لأسأل عنكم