ذلك نحاة من المولدين المتأخرين. وقد وردت اللفظة ومعها صاحباها في ص ٢٤، ٦٨) فلم تجئ (لا سيما) في عبارة الجاحظ مجردة عن لا والواو، بل عن الواو فقط، على الصورة التي أوردناها في هذه الفقرة
ومثل هذا ما جاء في التعليق على هذه العبارة (٧١: ١٦ - ١٧): (وسواء - جعلت فداك - ظلمت بالبطش والغشم، أو ظلمت بالدحس والدس) واقتراحنا وضع الدعس موضع الدس، إذ كان ذلك أشبه، فتوهم أننا إنما نضعها موضع الدحس، ثم اقتراح بدلاً من ذلك كلمة (الرس). وهذا نقد قائم على التوهم المحض. وما كان لنا أن نقترح كلمة موضع كلمة نظيرة لها في المعنى، وليس ما يمنع منها
وهناك نمط ثالث من المآخذ يرجع إلى الخلاف علىالرسم، وما نحب أن يطول الجدل حول هذا، إذ كانت قواعد الرسم لم تتقرر بعد على أصل ثابت. وقد أخذ علينا الأستاذ الناقد أننا رسمنا التواطؤ مرة بالواو وأخرى بالياء، ولعله حسب ذلك اضطراباً وتهافتاً، مع أن كلا منهما يخضع لقاعدة من قواعد الهمزة المتطرفة، على ما تنص عليه بعض المذاهب من أن الهمزة المتطرفة المكسورة ترسم ياء مطلقاً، والمضمومة ترسم واوا إذا كان ما قبلها مضموماً. وكذلك جاءت كلمة (التواطؤ) مرفوعة في (ص ٢٤ س ١٦). (لا يمكن في مثله التواطؤ) ومجرورة في (ص ٤٠ س ١٩): (وقام نجيء الأخبار من غير تواطؤ ولا تشاعر مقام العيان)، فالحالتان كما نرى مختلفتان
ومن هذا الباب أيضاً تخطئته رسم كلمة (غنا) بالألف فهي - فيما يقول - مقصورة ترسم بالياء، وممدودة ترسم بالألف والهمزة، وهي هنا مقصورة بدليل كسر أولها، فيجب أن ترسم بالياء، ولكن لهذه الكلمة في عبارة الجاحظ اعتباراً آخر، فهي ليست مقصورة فقط، ولكنهما مقصورة منونة، أثبت التنوين في آخرها كما أثبت الكسر في أولها، وهذا هو موضعها (ص ١٨ س ٩): (والإفراط في جر المنفعة غِناً لمن أفرطت في نفعه عنك) وقياس أبي عثمان المازني أن مثل هذا يرسم بالألف. فإذا علمنا أن من علماء الرسم من يرى أن يكتب الباب كله بالألف على الأصل كان في هذا ما يعضد رأي المازني في المنون
وإذا كان الخلاف في مثل هذا يستحق التأمل والوقوف عنده، فالخلاف في كلمة (السوء) في