نساء هي جمع نسوة، فلماذا تمتنع النسبة إلى الجمع وهي جائزة في مثل هذا المعنى
ألا يقال الأنصاري والأعرابي إذا أنزل الجمع منزلة القبيلة الواحدة؟ ألا يقال النسائي إذا أنزل الجمع هنا منزلة الجنس الواحد، ولم يكن المقصود به نسوة محدودات؟
إنما أتى صاحبنا هنا من علم الفهارس الذي يتخطف أوائل الكلام ولا يتعداه إلى مواضع التوسع والإفاضة
وإذا كان الفهرس قد دله على تنبيه سيبويه ولم يدله على شئ آخر فالذنب على الفهرس المسكين لا عليه
كذلك قلنا في كتاب (الصديقة بيت الصديق) أن الاختلاف يتراوح بين السنة الرابعة والسنة السادسة، فرجع صاحبنا إلى الجزازات فوجد أن (الإمام اليازجي) يقول إن التراوح غير هذا ويتابعه على قوله بعض الباحثين الفضلاء
لكن المراوحة بين العملين في جميع معجمات اللغة هي (أن يعمل الرجل هذا مرة وهذا مرة)، أو يقول هذا مرة وهذا مرة، والمراوحة بين الرجلين هي أن يقوم على كلٍ مرة، وبين الجنبين هي أن يتقلب من جنب إلى جنب
فإذا قلنا على هذا أن الاختلاف يتراوح بين السنة الرابعة وبين السنة السادسة فذلك صحيح ما دام الاختلاف هنا هو الفاعل الذي يقول مرة بسنة من السنين ومرة بسنة أخرى، فهو يتراوح بين القولين تارة إلى هذا وتارة إلى ذاك
ويكون صاحبنا إذن قد عرف الجزازات والفهارس ولم يفهم معنى اليازجي ولا معاني المفرقين بين المراوحة والترجح، لأن الترجح انتقال دائم، أما المراوحة فهي ثبوت في حالة من الحالات ثم ثبوت في حالة أخرى، وهذا هو المقصود بما ذكرناه
ولكن هذا الكلام إنما يفهم بدماغ، ومن أين للفهارس والجزازات دماغ؟
وأعجب من هذه التخطئة وما شابهها في اللغة تخطئة في الجمع والطرح يحسبها ذلك الدعي من علم الجامعات، وهي لا تعدو علوم المدارس الإلزامية وكتاتيب القرى، إذا كان قصاراها أن (١٤ + ٢=١٦) كما أراد أن يقول بعد مجهود في الإحصاء والتعديد
فنحن حين عرضنا لسن السيدة عائشة رضى الله عنها عند بناء النبي بها لم نقل إننا حصرنا سنها بشهادة الميلاد، ولا كان يعنينا أن نحصرها بتلك الشهادة أو بغيرها