للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يثيران الضحك في كل حركة أو كلمة. وفي مسرحيته (المنقذة) ترى (شلبية) قارئة البخت. وفي مسرحيته (قنابل) ترى القزم (كتكوت) وناظر الزراعة (حواش أفندي). وفي مسرحية (أبو شوشة) ترى شخصية (الشيخ غندور) وهو شيخ أخفق في دراسته فاتخذ من (عطوة باشا) سبيلاً إلى التندر والمضاحكة في مجلسه

ومحمود تيمور يختار لمسرحياته الأزمان التي توافق فنه الرفيع: كما يختار لها الأمكنة الملائمة. فمسرحية (سهاد) مثلاً زمانها عصر الخلافة الإسلامية، ومكانها الصحراء العربية بوديانها وكثبانها ومضارب الخيام فيها. ومسرحية (المنقذة) مكانها مصر وزمانها عصر المماليك، ومسرحية أبو شوشة مكانها مصر وزمانها عصرنا هذا وأشخاصها مصريون أصلاً. وكذلك مسرحية (الموكب) التي طبعها محمود تيمور مع (أبو شوشة) في كتاب واحد

وفي أغلب مسرحيات تيمور طابع من (الفكاهة) المتمثلة في شخصيات مضحكة؛ وهذه الشخصيات يعرضها المؤلف دائماً في معرض التهريج والعبث. (فالشيخ كروان) مهرج من المرتزقة الطامعين من فتات موائد الأغنياء. وهو أضحوكة مسرحية (الموكب). والشيخ (غندور) مهرج آخر في مسرحية (أبو شوشة)؛ فهو أزهري متحذلق. وقد اتخذه عطوة باشا سميراً ونديماً. . . لا بل اتخذه مضحكاً ومهرجاً. . .! فهو حين يقدم إلى مؤنس بك ينحني ويقول فيضحك الجمع منه، والمؤلف هنا بارع، فهو لا ينطق الشيخ (غندوراً) إلا بهذه اللفظة الفرنسية، ويترك القارئ وحده يضحك لهذا الشيخ المتفرنس!

أما الشيخ (كروان) مهرج مسرحية (الموكب) فهو شيخ متحذلق أيضاً؛ إلا أنه يزيد على صاحبه (غندور) بالثرثرة والسجع المتكلف والتملق المرذول. اسمعه مثلاً وهو يخاطب (فضل الله باشا) (أقسم برب الكعبة المشرفة، غير حانث ولا كاذب، أنك رجل هذا العصر، ومنارة مصر، وأوحد الدهر - ص ٨٣). ولا يكتفي الشيخ بهذا بل ينشد أبياتاً في مدح الباشا يصفق لها السامعون ويشتركون في الضجيج حتى المتوقرون منهم أمثال بديع بك وزهرية هانم

والمؤلف ليس عنيفاً في إدارة الحوار وتجلية الطبائع، لكنه يسوقها في هدوء بالغ، ولست تحس وأنت تقرأ (تيمور) عنفاً أو صخباً أو جلبة. ولكنك ترى الهدوء الذي ينطوي في الإلغاز والرمز. وهذا سر أن مسرحيات تيمور لا تختم بما تختم به مسرحيات غيره من

<<  <  ج:
ص:  >  >>