وفي هذا القسم فصل ممتع عن التربية الاجتماعية. وقد نجح المؤلف في محاولة رد تربيتنا الاجتماعية أو بالأجدر مشاكلنا الاجتماعية في الشرق العربي إلى تغلب الإيثار. وإلى أننا لم نتعود التفكير في غيرنا تفكيراً اجتماعياً، كما أننا لم نتعود العمل مع غيرنا عملاً
وهذا كله كلام جميل، وفيه كثير من الحق وكثير من الصدق، فإن ذلك كله ينقصنا. ولكن ينقصنا شيء آخر لم يشر إليه الأستاذ ساطع؛ ولكن أوضحه البروفسور كامبانياك الأستاذ بجامعة ليفربول في كتابه النفيس:
المطبوع في إنجلترا سنة ١٩٢٥
يقول هذا الأستاذ الإنجليزي في كتابه ص ٣٣ (إذا شاء المواطن أن يتمتع بميزات، فواجب عليه أن يقبل تلك المزايا بشروط. فما هي الشروط التي يمكن أن يتمتع بها الرجل بمزايا الجماعة؟ إنها شروط يمكن التعبير عنها في سهولة ويسر في جملة واحدة: يجب أن يتعلم الرجل أن يفعل ما يطلب منه، يجب أن يطيع قواعد الجماعة إذا أراد أن يحتفظ بعضويته فيها)
وهذا التوضيح يفسر لنا كثيراً مما يحدث في مجتمعاتنا ومجامعنا الشرقية. فكثيرون من لا يفعلون ما تطلبه قواعد الجماعة ومواضعاتها منهم؛ كالذين أشار إليهم الأستاذ ساطع في مقصورات أحد المسارح ببغداد حين علا صوتهم وضوضاؤهم؛ فلما نبههم إلى خطئهم أجابه أحدهم: إننا أحرار، لا حق لأحد أن يتدخل في أمرنا. . .
لقد رد الأستاذ الحصري هذا السلوك الشائن إلى أننا لم نتعود العمل مع غيرنا عملاً (معشرياً) وذلك صحيح. وصحيح كذلك أن نرده إلى الطبيعة العصيان والتمرد على قواعد الجماعة كما فسره الأستاذ كامبانياك
أما الفصل الذي كتبه الأستاذ الحصري عن (تيارات التربية والتعليم) فهو فصل معنى به مسهور عليه. وهو يشهد باطلاع المؤلف على اتجاهات التربية الحديثة ومراميها، والعوامل التي أثرت فيها؛ والمراحل التي مرت بها. وهنا تظهر طريقة المؤلف في حسن العرض العلمي عرضا متسلسلاً يدل على الفكر المتسق. . . ولقد أشار في خلال هذا الفصل إلى وجوب تقوية علاقة الطلاب (بالطبيعة) التي طغت عليها حياة (المدن). إلا أننا نأخذ على