الأستاذ ساطع إيجاز الإشارة إلى هذا الموضوع الهام، وكان المقام يتطلب منه إطالة واهتماماً أكثر. وللبروفسور كامبانياك في كتابه المشار إليه سابقاً فصل رائع (عنوانه العودة إلى الطبيعة)
كما أن الأستاذ (نيومان) عالج هذا الموضوع معالجة علمية في كتابه القيم (فكرة لجامعة): ص ١٣٣، ١٤٣
ومن عبارات كامبانياك الرائعة في ذلك الفصل قوله في صفحة ٩٥ (يمكننا أن نلجأ إلى عالم الطبيعة مرات ومرات، لإنعاشنا وتطهيرنا وتقويتنا) وقوله: (أن مشروعاً تربيبياً يوجه عقولنا وحواسنا إلى قوى الطبيعة ومختلف مجاليها، لهو مشروع حكيم الخطة)
أما الفصل الذي عنوانه (تعليم التاريخ) فلنا عليه استدراك، فالأستاذ ساطع يختم أن نعيد النظر في تاريخنا العربي بنزعة تربيوية قومية، وينادي بأن دروس التاريخ يجب أن ترمي إلى (التربية القومية) قبل كل شيء. وتلك دعوة طيبة تقابل من الأستاذ الحصري بالقبول الحسن من كل البلاد العربية التي تنشد الوحدة في عالم اتحدت فيه أمم مختلفة النزعات واللغات، فكيف بأمم وحدت بينها اللغة والجنس والعادات؟ إلا أن الهدف من تعليم التاريخ ليس تنمية القومية (قبل كل شيء). فمن الغبن أن نغمط الأهداف الأخرى ونبخسها قدرها. فقد ينفعنا تعليم التاريخ على وجه صحيح في إدراك صورة واضحة لمعنى (الخير) للجماعة وأعضائها؛ وقد ينفعنا تعليم التاريخ العربي على وجه صحيح في إيقاظنا من سبات عميق طال عليه الأمد. . . وقد ينفعنا تعليم التاريخ العربي على وجه صحيح في تجريد الدين من كل ما علق به من أوشاب القرون وغبار السنين. . .
وقد ينفعنا التاريخ في العمل على تحسين حالتنا الصحية التي أصبحت مرضاً عضالاً وداء قتالاً. فلو اعتنى في مدارسنا بتدريس تاريخ الأوبئة والحميات والأمراض، ولو اعتنى بدراسة تاريخ ما اتخذ من وسائل لمقاومة المرض وتحسين الصحة وإنشاء البلديات وكشف الجراثيم، لاجتمع لأبنائنا ثقافة صحية تقوم إلى تربيتهم القومية
وقد كان ذلك من أغراض تعليم التاريخ في إنجلترا بناء على الرسالة التي نشرتها الحكومة البريطانية سنة ١٩٣٤ بعنوان:(مطبعة الحكومة الإنجليزية لندن - ص ٦٤)
أما الفصل الممتع الذي كتبه الأستاذ ساطع حول تعليم اللاتينية واليونانية فهو يستحق عليه