البريء، حتى إذا صدرت مؤلفاتهم تلقفها السادة النقاد أو بعض السادة النقاد، وأقبلوا عليها، كما يقبل الغريم على غريمه، واقتعدوا منها مقاعد الأستاذية والمعرفة المتبججة التي تدعى علم كل شيء والإحاطة بكل شيء، حتى إذا تصفحوها عجلين شمروا عن سواعدهم المفتولة، وشرعوا أقلامهم المسنونة، ثم أخذوا في الحط من أقدار المؤلفين والتأليف، وبكوا أو تباكوا على هذا الزمن اليائس التعس الذي رخصت فيه أقدار العلم، وهانت منازل الأدب. وذهبوا في المبالغة إلى حد أن يتمنوا إن لم يكونوا قد شهدوا هذا الزمان العابث الذي يجسر فيه سادتنا الكتاب المؤلفون على إصدار ثمار قرائحهم، غير عاملين حساباً لهؤلاء السادة النقاد المحترمين. وقد شهدنا في الشهرين المنصرمين غير مأساة من مآسي النقد، اضطر فيها المؤلفون إلى صراع الديكة إزاء النقاد الجائرين الذين جعلوا وكدهم كشف العورات وغض النظر عن الحسنات
ولا شك أن هذا السلوك من النقاد سبب أليم في تأخر فن النقد في مصر
٤ - وأطلعني الأستاذ صاحب (الرسالة) على كتب يحملها إليه البريد من مصر ومن الشرق العربي فيها قدح شديد في بعض كتاب هذه المجلة - والله المحمود على أن كان نصيبي من هذا نصيباً طيباً - وقد هالني ما تناول به أحد القراء أحدنا نحن الكتاب المظلومين من ثلب وانتقاص وتجريح، لأنه غفل عن محاربة كذا وكذا من أفكار المؤلفين الغربيين التي يبشرون بها في كتب وضيعة تقدح في الشرق وفي أديان وعادات الشرق، ثم ذكر حضرة القارئ المتحمس طائفة من أسماء هذه الكتب، وأخذ على الكاتب المسكين عدم اطلاعه عليها. . . كأنما يظن أن لنا وكالات لتسقط أخبار هذه الكتب في البلاد الأوربية فهي تصلنا بانتظام لكنا كسالى أو سيئو النية لأننا نعلم ما في هذه الكتب ولا نأخذ أصحابها بالرد العنيف الذي يؤدبهم ويردهم إلى محجة الصواب
ألا ما أظلم الكثيرين من القراء! حقاً إن القراءة فن لا يحسنه إلا الأقلون!
٥ - وخامسة الأثافي، أو داهية الدواهي، ما وقعت فيه من أسبوعين من الخطأ الشنيع. . . فقد ذكرت في كلمتي إلى أستاذنا الجليل (ا. ع) طائفة غير قليلة من الشعراء الشباب في مصر على أنهم بعض من يمثل شعرنا الحديث، وكان هذا الخطأ سبباً في إثارة بعض هؤلاء الشعراء الشباب أنفسهم، فقد ساءهم أن تحشر أسماؤهم على هذا النحو الزرى في