الفني: سمها تناقضاً، أو سمها اضطراباً وتبلبلاً، أو سمها رجوعاً عن مذهب ظن أنه ابتكره إلى مذهب الناس، وإن شئت فسمها رجوعاً إلى الحق إن كنت ممن يحسنون به الظن
ولكن - وهذا هو لب الموضوع وروحه - هل نظنه حكم القرآن بشيء من ناحية الأسلوب؟ سأترك صاحب النثر الفني يعبر عن نفسه بقدر الإمكان. قال متمهاً لكلامه السابق:
(وقد رأى ناس قول البلاقلاني (ليس القرآن من جنس كلام العرب) فقرروا خاطئين أن القرآن يخالف ما درجت عليه البلاغة العربية من حيث الأسلوب. ولو سألتهم عن تحديد معنى الأسلوب لعجزوا عجزاً مبيناً، لأن الأسلوب في رأينا هو الصورة الظاهرة لعقل الكلام أنه قد هدم كل ما قاله من قبل، وجعل الأسلوب هو كل شيء ما دام هو الصورة الظاهرة للعقل والروح والفكرة والغرض، وهذه عنده هي كل شيء، فلعله يحكم للأسلوب القرآني بشيء - (وليس في مقدور أحد من المتفوقين في علوم البلاغة أن يحدد الأسلوب تحديداً منطقياً بجمع خصائصه وبمنع ما يتطرق إليه من غريب الأوصاف، أو أن يدلنا على خواص أسلوب القرآن دلالة واضحة بريئة من عوارض اللبس والغموض، فإن ألفاظ القرآن كألفاظ كل كلام عربي مبين لا تمتاز باللفظ ولا بالأداء وإنما تمتاز بالمعنى والغرض والروح)!
أترى صاحب هذا الكلام يعقل ما يقول؟ إنه يطالب غيره بتحديد الأسلوب تحديداً منطقياً. ألا يتعلم أولاً من المنطق كيف يكون التفكير؟ ألفاظ القرآن لا تمتاز باللفظ! طيب! ولا بالأداء! طيب أيضاً! فهذا هو مذهب الدكتور. وإنما تمتاز بالمعنى والغرض والروح! ألم يقل هذا الرجل قبل ذلك بأسطر إن الأسلوب في رأيه هو الصورة الظاهرة لعقل الكاتب وروحه وفكرته ومرماه؟ أليس معنى ذلك أن الأسلوب يمتاز بامتياز ما يمثله من روح وفكرة ومرمى؟ فكيف استقام عنده أن يمتاز القرآن بالمعنى والغرض والروح ولا يمتاز باللفظ ولا بالأداء؟ ألم يقرر من قبل أن المعنى الجزل له لفظ جزل، والمعنى الرقيق له لفظ رقيق، وأن الألفاظ والأساليب تتلون وتتشكل بلون الفكرة التي تسيطر عليها؟ فكيف جاز في تفكيره أن يكون للمعنى القرآني امتياز لا يكون مثله للفظ القرآني والأسلوب؟ إن هذا الرجل لا يدري أنه بقوله هذا يجمع على نفسه إنكار إعجاز المعنى إلى إنكار إعجاز