للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يخبرنا الذين رحلوا عنا (يشير إلى ابنه رايموند الذي قتل في الحرب وقال انه ناجاه وكتب مجلداً كبيراً عنه وعن مناجاة الأرواح) بأن لهم أجساماً غير عادية، لكنها محسوسة وجامدة مثل الأجسام الأولى بل أحسن منها.

ويقولون إنهم مسرورون، وانهم لا يحبون العودة إلى الأرض مهما أعطيتهم. وانهم حولنا وأكثر دخولاً وخروجاً معنا مما يخيل إلينا. وكل ما هناك انهم لا يقعون تحت حواسنا

الحياة متصلة غير منقطعة، والموت لا يغير أحوال هذا الكون لانه شيء داخلي يتعلق بالفرد، وليس الموت سوى تغيير في نظره إلى الكون وفي إدراكه لما فيه. فقد كان يدرك نظاماً معيناً فإذا مات أدرك نظاماً آخر. ونحن نسمى ما وراء القبر العالم الثاني أو الحالة المستقبلة، وأما الكون فواحد ولكن هناك حاجزاً. ونحن نعرف الآن ونُعرف على جانب من هذا الحاجز، فإذا متنا عرفنا الجانب الآخر وعُرفنا فيه. وربما عُرفنا ما هناك وعرفنا بجلاء لا يقل عما نعرف ونُعرف هنا

إن في الكون عالماً آخر بل قد تكون هناك عوالم كثيرة غير التي قدرت لنا معرفتها، وليس عالم حواسنا سوى جزء صغير من ذلك الفلك المدار

وقد تسألني: وكيف عرفت أن أولئك الراحلين لا يزالون باقين. فأجيبك بأني لا أرتاب في ذلك لأني أتصل بهم كثيراً. وأنت لا تستطيع أن تشك في وجود الذين تخاطبهم بالتليفون أو اللاسلكي. وليست الحياة شيئاً يفنى ولكنها تظهر بمظاهر شتى، وهذه الحياة الدنيا هي أحد تلك المظاهر

وسنلبس في العالم الآخر أجساداً ونتخذ أشكالاً يمكننا التعارف بها. وإذا نظرنا إلى المسألة بعين العلم الباردة (أي الخالية من العواطف) وجدنا أن هناك حقائق كثيرة تؤيد البقاء بعد الموت، وأنا مقتنع بها بالبرهان التدريجي. ولست أنتظر أن يؤمن كل أحد على قولي هذا، ولكنني أؤكد تأكيداً علمياً أن الحياة شيء دائم، وأنها والمادة تتداخلان زمناً وتتفاعلان، ثم تطلق المادة إلى محيط آخر وبيئة أخرى

وتسألني هل الحياة القادمة أكثر سعادة من الحياة الحاضرة؟ فأجيبك بأن ذلك يتوقف على ما نصنع هنا، وعلى انتهازنا للفرص التي تعرض لنا في هذه الحياة.

ولقد تعودنا المظهر المادي هنا حتى بات يصعب علينا تصور مظهر آخر، بل أن بعضنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>