تتاح لي الفرصة للتحدث عن أدب المورسكيين الذي كان جله يكتب بالحروف العربية
بعد أن استرد الإسبانيان غرناطة - آخر معقل لدولة الإسلام في الأندلس - ظل كثير من المسلمين يعيش في كنف الدولة الجديدة المنتصرة. ولكن سرعان ما اشتدت وطأة محاكم التفتيش عليهم، فحملوا - أمام هذا الضغط - على استعمال اللغة الأعجمية في حياتهم الاجتماعية. ولم يكن في وسعهم حينئذ أن يكتبوها بالحروف اللاتينية؛ فلجأوا إلى حروف لغتهم العربية
وفي سنة ١٦٠٩ أقصى المورسكيون عن إسبانيا واندثرت لغتهم التي استحدثوها، فقضى بذلك على آخر مظهر من مظاهر الأدب الإسلامي في الأندلس
والأدب الأعجمي ككل أدب، له ناحيتان: النثر، ويتمثل في كتب الدين والشريعة وسير الرسل والشعر، وقد نظمت به المدائح النبوية وقصة يوسف
وهاهي ذي بعض الأبيات من قصة يوسف نظمها باللغة الأعجمية شاعر مجهول عاش في القرن الثالث عشر والرابع عشر:
ثم يسترسل في ذكر الصفات الإلهية حتى يصل إلى قول يوسف لأبيه:
أكاشْتُ فُوَا كابِيُ أُنْزَ أشْترَالَّشْ
كامرَّشْ لفَرَّارَ تَيايَ كُنَالَّشْ
كاْلشُلْ إَللُنَ أَرَكا أَنْدَبَ أَنْتَرَالَّشْ
ومعناه:(إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين)
ولا تزال خزائن المورسكيين مدفونة لم يكشف في القرن التاسع عشر إلا على القليل منها. ولعل في استخراجها من مدافنها ما يوضح مدى النشاط الفكري الذي بلغه هؤلاء القوم المعذبون.