معيباً في موسيقانا، فإن قليلاً من الجهد والعناية يذهب به، وأنني لأرى أن هذا النقص الذي نعنيه لم يحصل من التهاون والإهمال، بل هي طبيعة الشرق الهادئ توحي لموسيقاه ألطف الأنغام الفردية العذبة.
إنني لا أنكر على الغرب محسناته في موسيقاه، كلا، ولا أنكر عليه التجديد الفني الذي أضافه عليها، فجعلها في مراتب سامة تفوق حد الإبداع، كلا، ولا أنكر عليه أيضاً استفادة الموسيقى الشرقية والعربية من هذا الرقي والتجديد، ولكن ذلك لا يمنعني من الجهر بجمال الموسيقى الشرقية اللطيفة إذا ما بذلنا في سبيلها جهداً ومثابرة وإخلاصاً، ولا سيما وهي العذبة بأنغامها، الزاخرة بألحانها، الطافحة بأسمى العواطف والشعور. .!
- ٦ -
إننا إذا دققنا في الأنواع الموسيقية لدينا وجدناها ضئيلة جداً بالنسبة إلى غزارتها في الموسيقى الغربية، يؤيد ما يعيبنا به الغربيون وهي على التقريب كما يلي: الموشحة، الليالي، الدور، القصيدة، الغناء المسرحي، الطقطوقة، المواليا.
فالموشحة: - قطعة غنائية من أرقى أنواع الغناء، إذا ما كانت متينة اللغة والمعنى، وليس كما يمسخها بعض المغنين بلغة ركيكة، وألفاظ سمجة، وتطويل جاف ممل. . .
الليالي: - (يا ليل يا عين) فهذه لا حدود لها، تابعة لشعور المغني أو العازف، وسمو إحساسه في الأنغام، وقدرته على الانتقال بينها بلباقة وأصول، حتى ينتهي إلى ما بدأ منه، وإذا كانت لموسيقانا مزية تنفرد بها، فتكون من هذه الناحية، إذ يعجز غيرها عن ترديد (الليالي) الإلهامية، وعزف (التقاسيم) الروحية ارتجالاً، ما لم تكن مسجلة ومخطوطة، أو محفوظة من سابق عهد.
الدور: - قطعة غنائية مركبة من جزأين: الأول يسمى (مذهب)، والثاني (دور) وفي الأخير تتعدد الأنغام اللذيذة المثيرة للطرب والسرور، وما زالت الأدوار لها مكانتها في الموسيقى العربية، وهي آخذة في التقدم والرقي، من متانة في اللفظ، وطرافة النغم، مما يجعلها في الصف الأول.
القصيدة: - قطعة شعرية تنشد بألحان معينة، وتكون عذبة مطربة إذا كانت محتوية على معان سامية وأنغام مؤتلفة، وقد أصبحت في الآونة الأخيرة من الأنواع الراقية نظماً ونغماً،