الحروب وعالجنا الآفات؟! هل عرفنا سر الكهرباء؟ هل اهتدينا إلى (ذات!) المغناطيس و (ذات!) الضوء و (ذات!) أنفسنا فلم يعد إلا أن نهتدي إلى ذات الله! وهل يعقل أن ندرس الهندسة الفراغية ونحن لا ندري شيئاً عن الهندسة النظرية، أو حساب المثلثات ونحن نخطئ الجمع والطرح!
أليس يكفي أن تكون هذه النظرية قائمة على ذلك الخيال الأخلاقي ليثبت أنها فاسدة، وأنها لابد أن تكون تعلة يتعلل بها المؤمنون لستر نواحي الضعف في أدبهم المنهار، وسلوكهم المريض، وخلقهم المعتل؟ إنهم مثل القورينيين من تلامذة سقراط، ينشدون اللذة، واللذة الحسية الخسيسة على وجه الخصوص، وانغماسهم هذا الذميم في الملذات هو الذي جعل أذهانهم تتبلد، وأرواحهم تصدأ، وتفكيرهم يسف، فراحوا يوهمون هواهم أن الخير والشر سواء، وأن التقى والدعارة صنوان، وأن المصير واحد، وأن سبب تأخر الأمم الإسلامية وتخلفها هو هذا التعفف الذي لا موجب له، وهذا الفهم السيئ لما جاء به محمد من شريعة أخذناها بحرفيتها ولم نعبث بها فحورناها وأولناها، وفهمنا ثلاثة أرباع هذا القرآن الكريم على أنه آيات تمثيلية يخوف بها الله، فهو - سبحانه وتعالى عن هذا البهتان - يقصد بظاهرها الأميين، ثم جعل لها باطناً لا يعرفه إلا الراسخون في علم وحدة الوجود من الزنادقة الذين اتصلت نفوسهم بنفس إبليس الأكبر، ولم تندمج في الله. . . أو في الوجود الكلي كما يكذبون ويبهرجون ويلفقون
وبعد أيضاً. . .
فحسبنا أن نأتي على نظرية وحدة الوجود من جهتها الأخلاقية هذه لنراها تنهار من أساسها، فنريح أنفسنا من تكرار ما قاله ابن حزم والشهرستاني، وابن تيمية، وابن القيم، وأبو منصور عبد القاهر البغدادي في توقينها ثم تكذبها وتبيان زيفها، مما هو مذكور مشهور، ومما يسهل على كل قارئ أن يرجع إليه ليرى كيف حارب علماؤنا الأعلام تلك الفئة الباغية. . . ثم نريح أنفسنا من الرد على المكذبين بالوحي وبالقرآن، المتحللين من شريعة الله السمحاء التي يتخذونها هزواً، ويملؤهم الغرور فيأبون أن يؤمنوا كما آمن السفهاء، إلا إنهم هم السفهاء ولكن لا يفهمون
وحسبنا أيضاً أن ننبه إلى ما يقع فيه هؤلاء الأنجاس من أخس ألوان الحب الحسي