والبرهان؟ والله لو كان إيمانهم كذلك لكان خيراً ألف مرة مما يزعمه زكي مبارك لنفسه من إيمان هو في الواقع لا إيمان، ويقين هو في الواقع شك وإلحاد. إذ ما فائدة الدليل والبرهان إلا أن يوجد عند صاحبه ذلك الإيمان القرآني الذي لا يتزعزع، إيمان العجائز الذي يتهكم به زكي مبارك الآن؟ وإذا وجد هذا الإيمان الراسخ الراسي عن طريق التصديق البديهي، فما الحاجة إلى سوق الأدلة والبراهين؟ ومع ذلك فالأدلة والبراهين متظاهرة متضافرة، لا تدحض ولا تنقض، ولكن زكي مبارك وأمثال زكي مبارك قوم لا يفقهون
ومن وقاحة هذا الرجل ومكابرته التي لا حد لها زعمه الذي زعم من أن المرجع في شرح أصول الدين صار إلى مثله - والعياذ بالله - وأن المسلمين كلهم يشهدون بأن أقلام من لف لفه هي التي تبصر المسلمين بجمال الشريعة الإسلامية وجمال اللغة العربية، والله يؤتى الحكمة من يشاء! فهل رأيت صفاقة أوقح من صفاقة هذا الذي ينكر أن القرآن امتاز بأسلوب ثم يزعم أنه بجمال اللغة العربية بصير، وينكر من الشريعة الإسلامية أسسها ويزعم أنه بجمالها خبير، ويقول في بعض ما كتب:(أعبد الله وأحب الشيطان)(أنا كافر يا ظمياء) ثم لا يتحرج أن يتبجح بقوله (ونحن بفضل الله ومشيئته ورعايته أنصار هذا الدين، ولن يتلقى المسلمون مبادئه إلا عن أقلامنا)(والله يؤتى الحكمة من يشاء)! (إن أبنائي تعجبوا من أن يسمح الأستاذ الزيات بنشر كلام يزعم كاتبه أني أحارب القرآن، وأحارب الدين)؟
طيب! زكي مبارك لا يحارب القرآن ولا يحارب الدين، وما شاء الله كان! ففيم قوله من كلمته الأخيرة (إن ذلك الناقد الحاقد لكتاب النثر الفني وقف عند مسألة شائكة وهي المسألة الخاصة بآرائي في إعجاز القرآن، ولم يقف عند هذه المسألة إلا لأنه يعرف أن الظروف لا تسمح بأن أجازيه عدواناً بعدوان) إلى آخر سفهه الذي قال. فلم كانت مسألة إعجاز القرآن شائكة إن كان يقول فيها بما يقول المسلمون ونطق به القرآن؟ ولماذا تمنع الظروف أن يجازيني عدواناً بعدوان إذا كان عدوانه هو إيراد الحجة التي تبطل عدواني وما اتهمته به من إنكار إعجاز القرآن؟ أيكون لكلامه هذا الممضوغ معنى إلا زعمه أن لديه حججاً تبطل إعجاز القرآن لا يمنعه من إيرادها إلا خوف الناس وبطش القانون؟ إذن فقد أقر مرة أخرى بإنكار إعجاز القرآن!