سبعة أشهر إلى أن كانت ثورة بني قرة وانتصار الجيش في قمع هذه الثورة سنة ٤٤٣ وسارت الوفود لتهنئة الوزير، فألح أصدقاء المؤيد عليه أن يذهب معهم للوزير، ففعل مرضاة أصدقائه، وسر الوزير لقدومه وعينه بعد ذلك رئيساً لديوان الإنشاء وضاعف في رزقه فتحسن حاله ومع ذلك كانت أحواله مع اليازوري بين الرضى والغضب، وكل ذلك مرجعه إلى طموح المؤيد وطمعه في الوصول إلى درجة داعي الدعاة
ظل المؤيد صاحب دار الإنشاء في مصر إلى أن سمع بدخول طغرلبك التركماني مدينة الري سنة ٤٤٦، وبحكم عمله بدار الإنشاء علم بأن البيزنطيين اتفقوا مع السلجوقيين لغزو أملاك الفاطميين في الشام وأعالي الجزيرة، فعمد المؤيد إلى المكر والخديعة، فكاتب الكندري وزير طغرلبك وكاتب غيره ممن توهم أنهم على اتصال بالسلجوقيين، واجتهد في أن يستميلهم جميعاً للمذهب الفاطمي وإلى مساعدة الفاطميين ضد البيزنطيين والعباسيين، وكان يرمي بذلك إلى هدفين، إما أن ينجح مسعاه ويدخل القوم في الدعوة الفاطمية أو أن تصل إلى مسامع الخليفة العباسي أمر هذه المكاتبات، فلا يطمئن إلى طغرلبك وصحبه ويحاربه ليبعده عن أملاك الدولة العباسية، ولكن جيوش طغرلبك زحفت إلى العراق وخطب له على منابر بغداد سنة ٤٤٧، وسمع المؤيد بهروب البساسيري من بغداد خوفاً من التركمانية؛ فانتهز المؤيد هذه الفرصة وكاتب البساسيري ووعده بالأموال والسلاح ليحارب السلجوقيين باسم الفاطميين، ومن الطبيعي أن يرحب البساسيري بالعمل باسم الخليفة الفاطمي، وأرسل إلى المؤيد بذلك، فذهب المؤيد إلى الوزير اليازورى وأطلعه على هذه المكاتبات فوافقت هوى الوزير، واستعد الفاطميون في تجهيز الأموال والخلع والسلاح التي وعدوا بها البساسيري، ولكن اليازوري لم ينس للمؤيد تصرفه هذا بدون استشارته في أول الأمر، وانتهز هذه الفرصة لاقتلاع المؤيد من مصر لازدياد نفوذ المؤيد في البلاد؛ فقد اكتسب المؤيد في هذه الفترة الطويلة احترام وحب عدد كبير من المصريين وخاصة بعض حاشية الإمام المستنصر. لذلك نرى اليازوري يعهد إلى المؤيد أن يكون على رأس الركب المسافر بالأموال والخلع؛ فاعتذر المؤيد وأدرك من توه ما كان يجول بخاطر اليازوري، ولذلك كان يقابل مكر الوزير بمكر أشد منه وأقوى، حتى كاد اليوم الذي حددوا فيه السفر تمسك الوزير بأذيال المؤيد، وأخذ يستعطفه ويلح عليه بأن يتولى توصيل الأموال إلى