للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

خطا أسلوب النثر تلك الخطوة أخذ يشيع في غير القصص حتى امتد إلى المقالة أو الموضوع القصير) ونلاحظ أولاً في عبارة الدكتور أنه استعمل الأسلوب بمعنى القالب فسمى القصة أسلوباً، وخير أن تسمى قالباً وسنسميها هنا كذلك، واستعمل الأسلوب بمعنى طريقة التعبير ونحن نوافقه على ذلك، ثم نذكر أن عبارته تشتمل على قضيتين: الأولى أن القصة هي التي غذت السجع بمادة الفكر ونقلته من التفاهة إلى الجد، ويستشهد على ذلك بحديث عيسى بن هشام للمويلحي. والقضية الثانية أن مادة الفكر قد أثرت هذا الأثر في القصة ثم في المقالة أو الموضوع القصير

أما عن القضية الأولى فإننا نعلم من تاريخ إبراهيم المويلحي أنه لما عاد من الآستانة إلى مصر سنة ١٨٩٤ أو سنة ١٨٩٥ أسس جريدته الأسبوعية مصباح الشرق، وقد قال فيها الزيات: (هي صحيفة أسبوعية كان يدبجها باللفظ الرشيق والأسلوب الأنيق، ويرسلها بالسهام النافذة في الاجتماع والنقد والسياسة، فقضت حاجة في نفوس الأدباء، ونهجت لهم الطريق السوي في الإنشاء، ووطأت له هو أكناف الرؤساء والكبراء، واستمر على إصدارها حتى حان يوم وفاته)

وذكر في المفصل أنها (كانت نموذجاً من أعلى نماذج الأدب الحر في هذا العصر، يتطلع إليها المتأدبون في شوق ولهف لما تطلع به من مصفى الكلام ومنتقاه، وأبدع البيان وأحلاه في أبواب السياسة والعلم والفلسفة والأدب، ويترقبها الكبراء في قلق ووجيب قلوب. . . فلقد كان المويلحي أقدر كتاب العربية على النقد وأمرهم وأوجعهم. . . وكان يعاونه في تحرير هذه الصحيفة الفذة ولده الأديب الكاتب العالم محمد بك المويلحي وهو الذي كان يكتب رسائل (حديث عيسى بن هشام) التي سويت بعد كتاباً) وأريد أن أقف هنا ولا أرجع القهقرى الآن لأسأل الدكتور: أكان ما تنشر هذه الصحيفة في العلم والفلسفة والاجتماع والأدب والنقد كلاماً فارغاً من المعاني، ولم تكن تحتوي على المادة الفكرية فيها إلا رسائل حديث عيسى ابن هشام وهي لا تخرج في مضمونها عي النقد، وقلم إبراهيم المويلحي الذي كان يرسل بالسهام النافذة في الاجتماع والنقد والسياسة، فيترقبه الكبراء في قلق ووجيب قلوب، أبقى هذا القلم لا يكتب إلا للغو حتى جاء الابن محمد فزوده بمادة الفكر ونقله من التفاهة إلى الجد؟ أيهما أكبر يا سيدي جحا أم ابنه؟ وأيهما علم الآخر النقد: الأب

<<  <  ج:
ص:  >  >>