المتفتح، باقات يانعة من هذه القصائد التي يضمها الجزء الأول من ديوانه ١٩٢٦ - ١٩٣٧ حتى قذف بقلبه جميعاً في خضم اليتم المصطخب ذي الأمواج والأثباج، ولهذا لا نكاد نرى ديواناً عربياً من دواوين شعرائنا يفيض بالروح العائلي، كما يفيض به الجزء الثاني من ديوان رامي وما جاء من ذلك في الجزءين الأول والثالث، وما لم ينشره رامي من شعره في ديوان بعد. . . وذلك إذا استثنينا ديوان (أنات حائرة) لشاعرنا الجليل الأستاذ عزيز أباظة بك
اسمع إلى رامي ينظر إلى سرير أبيه المريض، ثم يتوجع ويقول من قصيدته (نهر الحياة)، ذاكراً أخاه النازح، وأمه واخوته:
يا نهر أيامي، أما آخر ... لشقة العيش التي أقطع
أربت همومي فنبا مضجعي ... وصاحب الآلام لا يهج
أب طريح في فراش الضنى ... أقض في رقدته المضجع
تتابعت في الليل أناته ... وكل أنات الدجى تسمع
شكا من الداء الذي شفه ... وانهمرت من عينه الأدمع
وقال أخشى أن يحل الردى ... ولي قطا زُغبٌ ولي مطمع
أخاف أمضي عنهم تاركاً ... عشهم تلوى به زعزع
ولي أخ يا نهر عيشي خلت ... منه ديار وخلا مهيع
وكان أنسى في ضمير الدجى ... وكان لي من عطفه مرتع
فهل لذي العلة من صحة ... وهل لنضو نازح مرجع
وهل لليل العيش من مشرق ... يجلو ظلام اليأس إذ يطلع
لو كنت فرداً لم أرع إربة ... إن كان يعطي الدهر أو يمنع
لكن لي أماً ولي اخوةً ... ولي أباً في ظله نرتع
ولا يطيب العيش إلا إذا ... سقاهم حوض المنى المترع
هذا شعر يحس فيه القارئ لذع الألم الذي يرتجف أمام شبح اليتم
ثم مات الوالد المريض، وبعد أن خفت وقدة الحزن في نفس رامي، رثاه بتلك المنظومة الفريدة التي أومأ فيها إلى أيام مرضه، ثم إلى الأماني التي كان الوالد يعلقها على الشاعر