قولوا لبائع الملابس إنك لا تأتي بالصوف الأصيل والقطن الجيد والكتان المتين، ولكن لا تقولوا للصيدلي أو بائع السكر إنك المسئول دون غيرك عن الصوف المصنوع والقطن المخلوط والكتان المدخول والتفصيل المعيب
أو قولوا إن كنتم مخلصين إن المعرفة مطلوبة وإن دراسة النفوس البشرية حسنة نافعة، ولكننا نحتاج إلى مؤلفين آخرين يكتبون فيما نقترح عليهم من المقاصد والأغراض
لكنهم لا يقولون هذا ولا ذاك
وإنما الشيء الوحيد (غير اللازم) عندهم هو الكتابة في إحياء النخوة القومية أو النخوة الروحية أو أن تجعل بين أبناء آدم آصرة غير آصرة الأجور والأسواق. وليكتب من شاء بعد ذلك فيما يشاء
ويأتي المقترحون الطفيليون عندنا فلا يكتبون ولا يدعون غيرهم يكتب فيما يحسن أو يدرس، ويحسن الناس أن يقرأوه
فإن كان بهم لاعج من الهم أن يبسطوا القول في الزراعة والصناعة ومعارض الثروة ومحصول القمح والبرسيم فما منعهم أن يبسطوا القول فيها ويعقدوا الفصول عليها ويملئوا المكتبات بمصنفاتها ومترجماتها وهم يحملون الأقلام ويسطرون؟
نحن في شهر أغسطس وفيه ذكرى سعد العظيم وهو رحمه الله لا يجهل هؤلاء المقترحين لأنهم عاشوا في زمانه كما يعيشون في هذا الزمان
ففي سياق الذكرى والعبرة نشير إلى كلمة له في هذا الصدد تأتي ولا ريب في أوانها المقدور
قال لي مرة: (إن آفتنا الكبرى ألا نحمل تبعاتنا وأن نحاسب غيرنا على واجباتهم ولا نحاسب أنفسنا على واجباتنا. ثم استطرد قائلاً: منذ نحو ثلاثين سنة دعونا بفراش مشهور طلبنا إليه أن يقيم سرادق عرس وأوصيناه أن يفرغ من إقامته قبل المساء. وفي عصاري اليوم مررنا بالمكان فإذا بالسرادق أكوام من الأخشاب والكراسي والثريات والمصابيح ولا سرادق إلا العمدان مفرقة هنا وهناك لا تؤذن بالانتهاء قبل أيام. . . ما الخبر؟ الخبر أن العمال اختلفوا في التنظيم والتقسيم فراح كل عامل منهم يشير على غيره بما يعمل وينتظر