الأهداب مبللة بالدموع). ثم في الوجه الآخر:(الصباح يرتع في الأنوار. والبلابل مشوقة تصدح بالغناء) وكلمة (مشوقة) خاصة في هذا المكان إنها لوحة متناسقة الألوان أو سيمفونية متوافقة الألحان بين الطبيعة وأبنائها الجميع
والثاني: تلك الكناية الدقيقة البارعة عن (الروح الهائمة على أعتاب الدنيا تستجدْ فيها جثمانها) وعن (استجابة الحب الكبرى) التي ترتفع بها وترتفع حتى تجعلها (الفريضة الحلوة القدسية التي يقضيها الله). إنها كناية امرأة. وامرأة تحب. وامرأة شاعرة تجتمع كلها في سياق!
وقد توجهنا حتى الآن في الموازنة بين الشعر العربي والشعر العالمي إلى شعراء الغرب في مجموعة (العرائس والشياطين) وبخاصة الشعراء الإنجليز، فلنتوجه نحو الشرق أيضاً في هذه الموازنة ففي الشرق البعيد، وفي مصر الفرعونية مثل نتقدم بها مطمئنين
يقول الشاعر الصيني (يوان مي) من شعراء القرن الثامن عشر الميلادي بعنوان (زهر الصفصاف):
(أزهار الصفصاف كنديف الثلوج. . . إلى أين؟
أين تمضي جموعك الضالة مع الريح؟
(قلما نبالي. وأقل من ذلك ما ندري!
إنما سبيلنا من سبيل الهواء
حياتنا في دوّاماته العاصفة
وموتنا في الهاوية هناك)
فهذا إنسان يحس بنفسه وبالناس كزهرة أو أزهار للصفصاف. (سبيلهم جميعاً من سبيل الهواء. حياتهم في دوّاماته العاصفة وموتهم في الهاوية هناك). فيزيد على إحساس الغربيين بالاندماج في الطبيعة، تلك الصوفية الغيبية، طابع الشرق الجميل العميق البسيط الذي لا يكاد يبدو في الشعر العربي
وفي المجموعة قطعة أخرى للشاعر نفسه فيها هذه الصوفية الرقيقة وبجانبها إحساس المودة الصادقة بينه وبين الطبيعة التي تداعبه نسماتها وترسل عليه زحاماً من العطور وتبسم في وجهه وهو لا يدري من زحمة العطور عليه عطر الورد من عطر البشنين: