للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واستطاعت أم كلثوم كذلك أن تخفف من برحاء الحزن في نفس رامي، وان تلطف من لَذْع الحُرَق التي كان ينطوي عليها من جراء نكبته في حبه، وقد اعترف هو بذلك في كثير من شعره الذي أخذ يرق ويصفو لدخول أم كلثوم فيه:

صوتك هاج الشجو في مسمعي ... وأرسل المكنون من أدمعي

سمعته فانساب في خاطري ... للشعر عين ثرَّةُ المنبع

ودبّ في نفسي دبيب المنى ... والبرء في نضواَ لجِوى الموجعِ

سلوى من الدنيا تسلي بها ... قلب شديد الخفق في أضلعي

طال به السهد كأن الدجى ... ضل به الفجر فلم يطلع

حتى إذا غنيتِ ذاق الكرى ... ونام نوم الطفل في المضجع

كأنما لفظك في شدوه ... منحدر من دمعي الظَّيّع

فيه صباباتي وفيه الضنى ... يشكو تباريح فؤادي معي

نظمت أشعاري وغنيتها ... منظومة الحبات من مدمعي

أودعتها الشكوى فما رق لي ... من راح بالقلب ولم يرجع

ولو تغنَّيتِ بها عنده ... عاد إلى الود ولم يقطع

أما حديث هذا (الذي راح بالقلب ولم يرجع) فعلمه عند رامي الذي يقول بعد هذا:

يا من شَدَت بنسيبٍ ... ناجيت فيه حبيبي

وردّدت من شكاتي ... ورجّعت من نحيبي

وأودَعَت في الأغاني ... تناوحي ووجيبي

فجرتِ نبعَ خيالي ... من بعد طول النضوب

أنمت حزن فؤادي ... بصوتك المحبوب

وكنتِ مألف حسي ... وظل روحي الغريب

وآنس اليوم قلبي ... نجيّه في القلوب

حتى غنيت بنجوا ... ك عن هوى وحبيب

فنحن إلى الآن تلقاء حالات ثلاث من أحوال رامي. . . أولاها رامي المحب المحزون، وثانيتها رامي الذي يشكر القدر على هذا الصوت الذي أخذ (يدب في نفسه دبيب المنى،

<<  <  ج:
ص:  >  >>