بعضها من سورة هود. وسوء فهمه يتجلى في حَمله (إن كنتم صادقين) في الآية الكريمة على الصدق الخلقي لا على الصدق الإخباري في قول خاص قد قالوه، كما يتجلى في زعمه أن في هذه الكلمات الثلاث، بهذا المعنى وعلى هذا الوجه، الجواب كل الجواب على سؤال السائل: لماذا لم يأت العرب بمثل القرآن وهو من جنس كلامهم، لا يمتاز عنه بأسلوب، ولكن بقوة المعنى والروح. ونعفي الامتياز في الأسلوب يستلزم طبعاً نفي الامتياز بقوة الروح، كما أن إثبات قوة الروح يستلزم إثبات قوة الأسلوب لو كان صاحب الكتاب يعرف مظهر قوة الروح في الكلام. لكنه مشغول عن كل هذا بظنه أن المسألة مسألة صدق معنوي روحي فحسب، فلو صدق العرب مثل صدق محمد لجاءوا بمثل القرآن. وهذا طبعاً يترك الباب مفتوحاً للإنسانية في مستقبل الزمن وحاضره أن تأتي بمثل القرآن إذا وجد فيها من يبلغ من الصدق المبلغ المطلوب!
ولسنا ندري كيف خفي على الرجل أن الصدق على هذا الوجه يفسد النص الذي ذكره من الآية الكريمة، ويدخل عليه من الخلل والتناقض ما لا يخطر ببال، إذ يصير معنى ما اقتضب من الآية هو: فائتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كان خلقكم الصدق في القول والعمل! وواضح أن فعل الشرط هو مدار التعجيز لعدم توفره فيهم، ولو توفر لاستطاعوا أن يأتوا بما طلب منهم أن يأتوا به. فيكون المعنى على فهم صاحب الكتاب أنهم لو كانوا على خلق من الصدق، وطبع من محبة الحق والبصر به، لاستطاعوا أن يفتروا عشر سور من مثل القرآن! وما دام الصدق المشروط قد توفر في محمد إلى حد لم يتوفر فيهم، فمحمد استطاع أن يفتري كل القرآن على فهم صاحب الكتاب. ونعوذ بالله من الخذلان!
طبعاً لم يفصل القرآن في الموضوع هذا الفصل المطابق لفهم زكي مبارك أو الموافق لوحي شيطانه. وإن فهماً يخرج المحكم من القول عن إحكامه هذا الإخراج لهو فهم مختل بالغ الاختلال. وإذا قرأت الآية تامة، لا كما ابتسرها لك زكي مبارك لغرض في نفسه وجدت المعنى نيراً واضحاً لا عوج فيه، والحجة مستقيمة ملزمة لا خلل فيها
إن الآية هي:(أم يقولون افتراه، قل فائتوا بعشر سور مثله مفتريات، وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين). والتلميذ المبتدئ إذا قرأ الآية تامة هكذا يدرك حالاً أن (إن