هل تذكر يا أخي أن الحلاج مات كافرا - ولو من وجهة النظر الإسلامية - لأنه يزعم للناس إنه الله؟ وهل تذكر أنك كنت الكاتب المسلم الوحيد الذي دافع عن الحلاج، بالرغم من قوله هذا، وأنك لم تكن تبالي بإتباع اسمه كلما ذكرته بهذه العبارة الغالية: رضى الله عنه!
لشد ما تضحكني منك روحك الحلوة المفتونة بالدعاية وخبيث المزاح!
الحلاج رضى الله عنه! أي والله يا دكتور زكي، إنك تحسن استغلال حرية الفكر في مصر، وتحسن استغلال سعة صدور المسلمين!
على انك نسيت، بالرغم من قوة ذاكرتك أنك، وأنت تشكو من التضييق على حرية الفكر في مصر. كنت أول كاتب جريء استطاع أن يدافع عن شيء يعتبر الدفاع عنه شيئاً مضحكاً جدا. . . بل شيئاً مثيرا لعواطف المسلمين. . . جالباً لسخط الله والناس. . . فهل تذكر عم دافعت؟! أنا أذكرك إن كنت قد نسيت. . . لقد دافعت في كتابك القيم - التصوف الإسلامي - عن المعاصي. . . أي والله يا أخي. لقد دافعت عن المعاصي دفاعاً مضحكاً حاراً في أكثر من خمس صفحات كتابك المجيد الذي لا يخلو من تلك (البُقع) المسلية. . . لقد فعلت فعلتك الظريفة هذه بمناسبة ما يقوله الجيلاني عن تساوي العاصي والمطيع أمام الحق. . . أي أمام الله! ولكن لا مندوحة عن تسجيل قطعة من دفاعك ذاك فاسمع:
(. . . وكيف يكون فهمنا لعظمة الله إذا حرمنا الشقاء بالعواطف والشهوات والأهواء؟ كيف كنا نعيش لو خلت دنيانا من اللهو والفتون؟ كيف كانت تطيب دنيانا لو لم نطع الله بالعصيان؟! كيف يكون العقل لو خلا من التمرد والثورة والاعتساف؟ إن أجمل أثر أدبي تركه الأولون هو (سفر أيوب) وإنما كان كذلك لأن ناظمه وقف ربه أمام ساحة الجزاء!
إن أقوى الأغاني والأناشيد هي أنفاس الملتاعين من الذين قارعوا فتن الوجود!
إن أعاظم الرجال هم الذين نقعوا أرواحهم في بحار الشهوات!
إن أقوى القلوب هي القلوب التي واجهت سرائر الليل!
إن أعظم النفوس هي النفوس التي عاقرت كؤوس الغل والحقد والحب والهيام!
إن أعظم العقول هي العقول التي اصطرعت في ميادين الشك واليقين!
حدثوني عن رجل واحد بين العظماء شهد تاريخه بأنه احترم العرف والقوانين والتقاليد! إن