عقربان، ولكنه على التقريب يجاوز الثمانية الآلاف ولا يقل عنها، لأن جيشه بالبزاخة نحو خمسة آلاف، يضاف إليها جيش شرجيل بن حسنة الذي سبقه ولبث في إنتظاره، ولا يقل عن ألفين، ويضاف إليهم الردء الذي أرسله الصديق وراءهم بقيادة سليط بن عمرو ليحمي ساقتهم، وغير هؤلاء من تطوع للحرب مع المسلمين من بني تميم وبني حنيفة، فهم في جملتهم يجاوزون الثمانية الآلاف ولا ينقصون عنها إن نقصوا إلا بقليل)
فنحن لم نكتب بالإحصاء المنصوص عليه بل أضفنا إليه الإحصاء الذي يجمع بالمقابلة والاستقصاء، ثم قلنا:(. . . وبلغ عدد القتلى جميعاً في ذلك اليوم بين ساحة القتال وحديقة الموت عشرات الألوف: أقلهم في تقدير المقدرين عشرة آلف من بني حنيفة وستمائة من المسلمين، وأكثرهم في تقدير المقدرين يرتفعون إلى سبعين ألفا أو ثمانين ألفا حنفيين وألفين مسلمين، وهو رقم لا يدل على نبأ صحيح، ولكنه يدل على هول صحيح سرى في الآفاق من أنباء تلك المعركة
ولقد كنا نضيق ذرعاً بهذا التفاوت البعيد في الروايات وفي وصف الحركات فنتركه جانبا عند الحكم الفصل في الأمور ولا نجعل هذا الحكم الفصل معلقا عليه، وقررنا ذلك فقلنا: (إذا كان كل شيء في المعركة يتوقف أحيانا على كذا وكذا من الخطوات في السبق إلى حومة القتال، وكذا أو كذا من الأشياء في طول الرماح، وكذا أو كذا من التفاوت في سرعة القذيفة هنا أو هناك، وكذا أو كذا من الحركات إلى اليمين أو إلى الشمال والى الأمام أو إلى الوراء؛ فتفصيل أسباب النصر في المعارك القديمة على التخصيص ضرب من المستحيل، لأن إثبات الفوارق بين المعسكرين في الأسلحة والمواعيد والعدد والحركة غير ميسور، وأقصى ما نطمع فيه أن نقنع بالإجمال دون التفصيل)
فنحن قد أثبتنا من التقدير والوصف ما هو صالح للثبات، وتعمدنا اجتناب التقديرات المتفاوتة والأوصاف المتناقضة لأنها لا تصلح للتعويل عليها ولا يحسن بالمؤرخ أن يرجع إليها بغير الإشارة والترجيح كما قلنا (الإجمال دون التفصيل)
وقال الناقد الأديب: (لاحظت أن في الكتاب ميلا إلى اتهام خالد بالقسوة. . . وليس يغرب عن البال أن صفات الشدة والصلابة هي سمات الرجل العسكري الذي لا ترضيه أنصاف التدابير، بل يهمه أن يضرب ضربة واحدة تقصر أجل الحرب وتختصر الآلام، وكثيرا ما