آخر يناقض الوصف الأول في معناه، ويوافقه في إنه باطل مثله. وصفني الأستاذ غير عارف، أو متجاهلاً تجاهل العارف بأني رجل متوفر متزمت. ثم لبث يشرح التزمت ويبين آثاره في خلقة صاحبه وخلقه، وفي الوضوء والصلاة والصيام والزكاة والحج؛ فكتب صفحتين في هذا كأن مقصده الأول الكلام في التزمت لا الدفاع عن بدعة الحروف اللاتينية، وأنا أعرض على القارئ مقدمة كلام الأستاذ في التزمت ثم أسأله كيف يسمي هذا الكلام، وما ظنه بمن يرمي به وهو يجادل في الحروف اللاتينية، ويلفظه وهو يجادل رجلاً بعيداً كل البعد عن التزمت، قال الأستاذ:
(والتزمت، أجارك الله، متى أخذ بخناق الرجل نكر خلقه إنه يورث اقعنساساً فيبدو مقعر الظهر، محدب الصدر، منتفخ الأوداج، محتقن الوجه، بارز الحدقتين. في الأوج هامته، وفي الحضيض همته. إن لم يكن كالمعلق بحبل المشنقة، فهو على الأقل ضابط صف معلم بأورطة الأساس، يمشي متشامخا مدلا بكفايته بين أنفار القرعة المستجدين. هكذا يفعل التزمت. ثم هو يخرجه من تصرفاته عن التعابير المألوفة بين الناس. يجعله متى أراد إخراج الكلمة من فيه رطلا خرجت على الرغم منه قنطاراً. وإذا أرسل صوته يمينا التوى فذهب شمالاً، وإذا بصق أمامه على استواء نكص البصاق إلى الوراء، هو يخرجه من فيه، فيرتد لما فيه فيعجبه) الخ
هذا أيها القارئ مقدمة كلامه في التزمت ووراءه كلام طويل تناول الوضوء والصلاة والصيام والزكاة والحج، وإن أراد الكاتب أن يضحك باكيا فليقرأ بقية الفصل ويرى كيف تعب المتزمت في كيل الزكاة وخنق دجاج الدار حين جاء يلتقط الحب، ثم طلق امرأته إذ أمرها بإخراج الدجاج الميت فلم تمتثل. وكيف فعل في الصلاة والصوم والحج، ثم ليدلني القارئ على صلة عاقلة أو مجنونة بين هذا وبين الحروف اللاتينية واللغة العربية. . .
وأنا أنشد الأستاذ الله الحق أن يسأل نفسه هادئا إن استطاع: أهذه الأوصاف تنطبق عليّ أو عليه خلقة وخلقا.
ثم أنشده الله الحق: ألا يشعر بشيء من التناقض والتهاتر والتهافت في أن يصف إنسانا في مقال واحد بأنه من أرباب الحناجر وأناشيد الوطنية اللفظية، وبأنه متوقّر متزمت، ثم أنشده الله الحق مرة أخرى: أحسب نفسه صادقا حين وصف بهذه الأوصاف رجلا يعلم الله وكل