لم تزل ليلى بعيني طفلة ... لم تزد عن أمس إلا إصبعا
ما لأحجارك صمنا كلما ... هاج بي الشوق أبت أن تسمعا
كلما جئتك راجعت الصبا ... فأبت أيامه أن ترجعا
قد يهون العمر إلا ساعة ... وتهون الأرض إلا موضعا
(الله! الله! مرة أخرى، لهذا البيت الأخير
(بلغت هذه القطعة، فقلت: معيار المقارنة أن أجد مثلها لقيس لبنى. وبحثت فلم أجد
(أم أنا عميت؟ ربما. . .
(أم أني نظرت في الكتابين نظرة القارئ العادي، ومثل هذا الذي طلبت، يحتاج لا إلى بصر قارئ مثلي عابر، وإنما إلى بصيرة أديب مكين؟ ربما أيضاً)
ومع احترامي لهذا التواضع العلمي النبيل فيما كتبه الدكتور العالم الأديب. فأنني أخشى أن تكون عاطفة (تقديس الموتى) - وهي عاطفة إنسانية عامة وعاطفة مصرية خاصة - قد غلبت في نفسه على حاسة الفن، التي ألمحها في كل ما يكتبه!
وإلا فما يمكن أن يقرأ الإنسان هاتين الروايتين في وقت واحد؛ دون أن يحس بالفارق الهائل بين الحياة الحارة والصدق الطبيعي، في (قيس ولبنى)، وبين الموت البارد، والتلفيق المتهافت في (مجنون ليلى) من ناحية رسم الشخصيات وإجراء الحوادث والعرض الفني. ولا بين الطلاقة والقدرة على الأداء في الرواية الأولى، والاضطرار والتهافت في مواضع كثيرة من الرواية الثانية
ويجب أن يلاحظ أنني أتحدث عن (الروايتين) لا عن (الشاعرين) فشوقي الشاعر قد يكون أكبر من عزيز أباظة الشاعر في مجموعهما. ولكن رواية (مجنون ليلى) أصغر بما لا يقاس من رواية (قيس ولبنى). أصغر من جميع الوجوه التي تقاس منها الرواية الشعرية
والقطعة التي اقتبسها الدكتور زكي من (مجنون ليلى) قطعة عذبة النغمة جميلة التصوير، وهناك قطعة أخرى أو قطعتان في الرواية من هذا النوع. ولكن الرواية وحدة كاملة تقاس بمجموعها: برسم الشخصيات، وإجراء الحوادث، وعرض المشاهد، والتعبير القوي عن هذا كله في النهاية. وقياس الروايتين على هذا النحو، لا يدع مجالاً للشك في تقرير الحقيقة