عدد العجلات الحربية لدى الرعاة، مع أنهم حديثو عهد بها، وقد أخذوها عن سكان فلسطين، كما أخذها المصريون بدورهم عن الرعاة، هذه مسألة واضحة، من الجائز، بل من المنطقي، أن يطمع ملك مصر العليا في أن يصنع عماله عدداً أكثر مما يصنعه عمال ملك الرعاة. . .
وبقيت بعد ذلك قصة المدارس الأدبية، وهي التي جرت عليه أخطاءه في مقاله الأول عن تيمور، لقد كان رده ترك الحديث فيها لأنها لا تستحق الحديث
ومرة أخرى أصحح للناقد الفاضل. إنه مصيب في ترك هذا الموضوع، لا لأنه لا يستحق الحديث، وإنما لأن موضوع المدارس الأدبية هو موضوع الأدب الأوربي أولاً وقبل كل شئ، ولا غنى لمن يتكلم عنها من الاطلاع على هذا الأدب، ولا أحب مناقشة سيد قطب في موضوع الأدب الأوربي لأنه - ولن يعيبه ذلك - لا يعرف لغة أوربية معرفة تسوغ له الكلام فيه، ولقد أخطئ أو أصيب، ولكنه سيخطئ حتما إن تعرض له شأن من يقحم نفسه فيما لا يعلم.
وأرجو بهذه المناسبة أن يقلل سيد قطب من ذكر الأسماء الإفرنجية وترديد أسماء الكتاب الأوربيين بلهجة توهم القراء أنه من أهل الاطلاع الواسع في هذا الأدب. إنه لا يفعل أكثر من الخطأ المضحك كلما ذكر اسماً من الأسماء الأوربية، وأذكر أنني قرأت له منذ عام مقالاً جاء فيه ما نصه:
(وإن بعضهم ليحتج بمثل اعترافات روسو، وقصص بودلير، وقصائد لورنس. . . وقصص بودلير تحمل فناً وهي مع ذلك ليست خير الآداب ولا أرفعها، وقصائد لورنس تحمل فكرة يعالجها من هذا الطريق. . .)
والذين يعلمون أبسط العلم يعرفون أن بودلير لم يكن قصاصاً وإنما كان شاعراً وإن كتب قصتين، وأن لورنس لم يكن شاعراً وإنما كان قصاصاً، وأن الأوصاف التي وصف بها سيد قطب لا تنطبق إلا على شعر الأول وقصص الثاني!!
هذه الأخطاء منشؤها الولوع بترديد الأسماء الأوربية في غير داع إلا الإبهام والتغرير، ولا ضير على سيد قطب لو لزم حدود ثقافته. . .
ولقد أشار في ختام مقاله إلى الدوافع التي أثارتني لمهاجمته.