عن اسمه فلا يجيب، ثم ينتحي بخالد زاوية فيقول له:(ما سكت يا سيف الله حين سألتموني عن اسمي إلا حياء منك لأنك أمير جليل، وأنا من ذوات الحجال، وإنما حملني على ذلك أني محرقة الكبد، زائدة الكمد. فقال: من أنت؟ قالت: خولة بنت الأزور أخت ضرار أسير الروم، أتاني آت بخبر أخي فركبت وفعلت ما فعلت.).
أشرقت الشمس فجدد المسلمون عزائمهم وكروا على القوم وحملوا حملة عظم أمرها على الروم، وكانت خولة تجول في كل مكان تطلب أخاها وهي لا ترى له أثراً ولا يراه أحد من المسلمين فيعم القوم حزن شديد وتبكيه بقولها:(يا ابن أمي! ليت شعري في أي البيداء طرحوك، أم بأي سنان طعنوك، يا أخي، أختك لك الفداء. . . ليت شعري، أتراني أراك بعدها أبداً؟ فقد تركت في قلب أختك جمرة لا يخمد لهيبها ولا يطفأ، فعليك مني السلام إلى يوم اللقاء). فبكي القوم وبكي خالد لحالها. وبينا المسلمون في شدة واضطراب إذا هم بمن يخبرهم بأن الروم أخذوا ضراراً إلى صاحب حمص لينفذه إلى الملك، ففرح خالد وتهلل وجهه، وشكرت خولة الله، فدعا خالد رافع بن عمرة الطائي لينفذه إلى حمص فسار خالد في مائة منهم خولة، فما وصل القوم قرب حمص حتى كمنوا، فبينا هم كذلك إذا بنفر أقبلوا، فنبه رافع قومه، فلما قاربوهم كر عليهم رافع فإذا فيهم ضراراً فتجالد الفريقان حتى أنقذ ضراراً، فخرت خولة لله شكراً وشكر خالد لرافع بلاءه.
هذا موقف من مواقف بسالتها الخالدات، وما موقفها يوم أسر النساء في يوم صحورا والناس يغزون الشام بالأمر الذي ينسى فقد ذكر الطبري أنها أسرت في فريق من نسوة حمير. فجمعتهن وخطبتهن تستحثهن على الثورة على هؤلاء الأعلاج، وقالت (يا بنات حمير، وبقية تبع، أترضين لأنفسكن علوج الروم، وأن يكون أولادكن عبيداً لأهل الشرك، فأين شجاعتكن التي تتحدث بها عنكن أحياء العرب، ولا أراكن إلا بمعزل عن ذلك، وإني أرى القتل عليكن أهون من هذه المصائب، وما نزل بكن من خدمة الروم الكلاب) فقالت عفراء بنت غفار الحميرية (صدقت والله يا بنت الأزور، نحن والله في الشجاعة كما ذكرت، وفي البراعة كما وصفت، لنا المشاهد العظام، والمواقف الجسام. ولقد اعتدنا ركوب الخيل، وهجوم الليل. غير أن السيف يحسن فعله في مثل هذا الوقت، ولقد دهمنا العدو على حين غرة، وما نحن إلا كالغنم بدون سلاح) فقالت خولة (يا بنات التبابعة، خذوا