كان من ثمار النهضة المصرية الحديثة في شتى نواحي الإنتاج الزراعي أن توسع القائمون على سياستها ورعايتها في إنشاء البساتين حتى بلغت مساحتها في الأقاليم المختلفة سبعين ألف فدان. وليس هذا التوسع العظيم في هذا الزمن القصير قائماً على الكم وحده؛ وإنما يقوم كذلك على الكيف باجتلاب الأنواع وأقلمتها وتجربتها، وانتقاء البذور وإكثارها وترقيتها على الطرق العلمية الصحيحة. والفضل في ذلك يرجع إلى جهود الأكفاء من الأساتذة الإحصائيين في كلية الزراعة وقسم البساتين. وفي مقدمة هؤلاء الأفاضل الدكتور محمد بهجت أستاذ فلاحة البساتين في هذه الكلية، وأحد العاملين المخلصين في ذلك القسم، ومؤلف هذا الكتاب القيم الذي نقدمه إلى قرائنا اليوم
اجتمع للأستاذ بهجت من دراسته العالية بمصر، ومن دراسته العليا في كاليفورنيا، ومن اطلاعه الواسع على الكتب والنشرات الحديثة، ومن مشاهداته الكثيرة بمحطات التجارب الزراعية وحدائق الزرع الأهلية، ومن تجاربه الخاصة في قسم البساتين؛ اجتمع له من كل ذلك ما جعله جديراً بتأليف كتابه (بساتين الفاكهة) على نمط لم يتهيأ لأحد من قبله. فقد امتاز هذا الكتاب بمزايا كثيرة نذكر منها: أنه أحاط بكل ما وصل إليه العلم الزراعي في موضوعه إلى يوم الفراغ منه؛ وأنه طبق النظريات العلمية على تربة مصر ومناخها فلم يأخذ بأقوال العلماء وتجاربهم أخذ الناقل أو المقلد؛ وأنه غلب فيه الجهة العملية على الجهة النظرية بناء على مشاهداته واختباراته؛ وأنه توخى في كتابته التبسيط والتسهيل ليكون داني القطوف من الطالب المختص والزارع العادي فيستفيد منه كل قارئ. والكتاب معقود على سبعة أبواب تضمنت أمهات المسائل في هذا العلم، كالمشاتل، وإكثار الفاكهة، والأصول، وإنشاء البساتين، والتسميد، والري، والتقليم. وقد صدره المؤلف بمقدمة تاريخية بليغة ألمت بأطوار فلاحة البساتين في القديم والحديث. فله من ربه خير الجزاء، ومن قرائه أجزل الشكر
مجلة (الثريا) التونسية
بهذا العنوان أصدر جماعة من صفوة الأدباء في تونس مجلة شهرية جامعة تعالج الأدب