في السراء، ويعالجون الأمور برفق وأناة إذا عصف الجو، وتنمر العدو، أو اصطدم الإصلاح بقديم من التقاليد لا خير فيه فترسو السفينة على شاطئ السلامة وقد سلم ربابنتها وركبها.
وشوقي ليبق في امتداح النواب بهذه الصفات، لأنه يدعوهم لها في معرض المدح بها، وينههم عليها في أسلوب من الأخبار، ومن هنا يزكيهم للشعب، ويحصنهم بوصاياه من وراء ستار.
الحق ابلج والكنانة حرة ... والعز للدستور والإكبار
الأمر شورى لا يعيث مسلط ... فيه ولا يطغي به جبار
عهد من الشورى الظليلة نضرت ... آصاله واخضلت الأسحار
تجني البلاد به ثمار جهودها ... ولكل جهد في الحياة ثمار
بنيان آباء مشوا بسلاحهم ... وبنين لم يجدوا السلاح فثاروا
فيه من التل المدرج حائط ... ومن المشانق والسجون جدار
أبت التقيد بالهوى وتقيدت ... بالحق أو بالواجب الأحرار
في مجلس لا مال مصر غنيمة ... فيه ولا سلطان مصر صغار
ما للرجال سوى المراشد منهج ... فيه ولا غير الصلاح شعار
يتعاونون كأهل دار زلزلت ... حتى تقر وتطمئن الدار
يجرون بالرفق الأمور وفلكها ... والريح دون الفلك والإعصار
ومع المجدد بالأناة سلامة ... ومع المجدد بالجماح عثار
- ٨ -
ولقد عرض للدستور المصري ما يعرض لكل وليد أو لكل جديد، فحورب وأوقف، فماذا كان موقف شوقي نصير الدستور؟ لما ائتلفت الأحزاب سنة ١٩٢٦ لإنقاذه برئاسة الزعيم الخالد سعد سجل شوقي هذا الاجتماع الخطير في قصيدته (المؤتمر) فامتدح الحرية ومدح الزعماء ثم خلص إلى أن الله أنعم على مصر بائتلاف أقطابها، وفيهم الحول القلب، والصرحة العلنة يكمل بعضهم بعضاً، وهم جميعا أسنادها وأعلامها وأبطالها يشيدون سياج الملك بالدستور لا بالقنا والسيوف.