للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الإنسانية عنصر الاضطراب ويسلبها الثقة والاطمئنان لأي شيء في الحياة! وما الحوادث والشخصيات إلا أدوات فقط للوصول عن طريقها إلى الهدف الأخير

إنه - من وجهة نظر المذاهب الاجتماعية التي تدعو إليها - يعد ناجحاً إذا هو قد هز في النفس الإنسانية عنصر الاستقرار! فهو إذن من خيرة من يصلون لهذه الدعوة، لا بما يلقيه هنا وهناك من توجيهات ظاهرة، ولا بما يغمز به النظام الاجتماعي والاقتصادي من غمزات موحية. ولكن - قبل ذلك كله - بما يطلقه في النفس الإنسانية من التأرجح المضطرب الذي لا يقر على قرار!

(قال مليم

- بلا جدال. . .

ثم حمل عدته وأنطلق في الطريق دون التفات، وهو يضرب الأرض في عزم وإصرار كأنه مقدم على فتح عكاء. أما رفيقه فقد وقف يشيعه بابتسامة سآخرة؛ فلما أن صار منه على مرمى حجر، صاح في إثره قائلاً:

- سنرى. . .

وقهقه ضاحكاً ثم انكفأ إلى طريق غير الطريق)

(بلغ النقاش أقصاه بين خالد وأبيه كعادتهما كلما دار بينهما حديث - أي حديث -. ومهما يكن الموضوع تافها، فإنه يتطور على الدوام إلى اصطدام عنيف بين الأب وابنه. أما الأب فداهية مراوغ، يلذ له شعور القوة الذي يدفع بالقط إلى العبث بفريسته قبل التهامها، فهو يطيل من النقاش ويدير دفته إلى وجوه من الرأي يعرف أن ابنه يضيق بها ذرعاً، ثم يرقب في سعادة أثيمة ما يختلج في صدره من ثورة، وما يلوح على وجهه من اضطراب وضيق

(وقد كان. فما لبث أن اربد محيا الفتى، فأنفجر يرد علي تساؤل أبيه قائلا:

- بلا جدال. . .

ثم انثنى إلى حجرة المكتب، وغلق من خلفه الباب، ولو أنتظر لرأى بسمة السعادة الأثيمة ترتسم على شفتي احمد باشا خورشيد، ولسمعه يتمتم قائلاً:

- سنرى)

<<  <  ج:
ص:  >  >>