جاء في كتاب (منزل الوحي) صحيفة ٢٩٨ لصاحب المعالي الدكتور محمد حسين هيكل باشا ما يلي:
(وعجيب أن تظل هذه الجبال جرداء على رغم ما ينحط عليها من سيول وأمطار فلا تنبت الأشجار في قنها وعلى سفوحها. أيرجع السر في ذلك إلى أنه لم يعن أتحد باستنبات هذه القنن والسفوح فظلت جرداء إذ لم تبذر فيها بذور ولم يغرس بها شجر. ما اظن، ففي صحاري تهامة وأوديتها ألوان من الشجر تنبت بذاتها منها السلم والعشر والطلح، ولعل هذه الألوان لا ترقي إلى سفوح الجبال وقننها، ولذلك ظلت جبال اليمانية جرداء رغم المياه التي تنحدر عنها).
والحقيقة أن لا عجب هناك، فالحيوانات التي ترعى وخصوصا الماعز منها هي السبب في هذا كله، فإذا دامت الحيوانات في هذا الرعي سنين عديدة فأنها لا تلبث أن تقضم كل طلق من النبات من شأنه أن يحفظ التربة من أن نجرف إلى الوادي بسب تهاطل الأمطار فلا تلبث أن تتكشف الصور وأن ينقل التراب الذي يغطيها إلى الوادي ولا يعود بعد ذلك بالإمكان أن ينبت الشجر لا في القنن ولا في السفوح. وعندنا في فلسطين مثل هذه الجبال الجرداء، والسبب واحد وانجراف التربة معضلة من أكبر المعضلات في الزراعة، والحكومات تعني بهذا كثيراً وطرق العلاج عديدة منها (الدورة في الرعي) كان تقسم المراعي إلى أقسام عديدة يسمح للحيوانات أن ترعى في قسم منها في السنة الأولى ثم تنقل إلى القسم الثاني في السنة الثانية وهكذا فما ترجع الحيوانات للرعي في القسم الأول بعد خمس أو ست سنين إلا ويكون القسم الأول قد اينع نباته وغلط وتعاظم. وقد زرت في هذه السنة هذه الجبال الواقعة بين السيل الكبير والزيمه، وأرى أن احسن علاج لها هي الدورة في المرعى، فإذا اتبعت هذه الطريقة في تلك المساحات الشاسعة وحوفظ عليها من الحيوانات فلا تلبث البذور أن تنتشر وأن تتكاثر من نفسها. ولا بأس من استعجال ذلك بأن تنثر البذور باليد في المساحات التي لم يبق فيها من الأشجار ما تستطيع أن تنثر بذورها.