للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لواء غزة - فلسطين

صبحي الشهابي

كبير مفتشي الزراعة

أساطير الحب والجمال عند الإغريق

عزيزي الأستاذ دريني خشبة

أخرجت للناس باكورة كتبك فكنت راويا لروايات إغريقية عاشت عصورا وهي أملوحة الآداب، ومجلبة الإطراب، وألهية الفكر، فقراؤك نظارة، وصفحاتك مشاهد، وفي آخر كل قصة من قصصك يسدل الستار.

وشئت أن تطرف ببراعة استهلال، فقدمت بين أيدي القراء أروع هاتيك القصص عن بسيشيه وإله الحب، فإذا بك تعرض فينوس أم هذا الإله الطفل في معارض الحسد الذي ما سلمت منه امرأة، وفي دواهي الكيد وهو الصق الصفات بالنساء. فينوس تنصب شباكها لبسيشيه، فهي تغار منها وتحسدها على عرش الجمال، فترسل إليها ابنها بقوسه ونشابه ليرميها في جحيم الهوى، وبسيشيه فتاة لعوب غريزة الدلال، اصدق حليتها السذاجة والتصديق. فؤادها ما شق شغافه ولا خفقت بالهوى سويداؤه. فهي تخاف من الحب، والخوف منه هو الوقوع فيه. أما كوبيدون هذا الرب الصغير، فقد جاء الإغريق من قبلك عليه، فحملوا الشطط وركبوا به على غوارب الظلم وهو طفل ما شب عن الطوق، ولا أنشق له باب، ولا ترك التسلي واللعاب. فأنى له الحب وعذابه، والغرام ولظاه. وقد أبه لهذا الخطل في الفن مصورو القرون الأخيرة فكان دولاكروا اسبقهم إلى الصواب فصور كوبيدون في صورة شاب مراهق وهو يقبل بسيشيه من على الجبين. وأني لأعجب، كيف جاز في الشجون أن يهوى بسيشيه كوبيدون. فهل يحب نفسه الحب كما يجن الجنون.

وخلبتني بأسطورة نرجس وقد عشق جماله وهام على وجهه في حب محاسنه، فكان يطل على صفحة الينبوع وهو ظامئ، فيشغله الغرام عن الأوام فيهوى بفمه على فمه. ولكن يتكسر الماء دون الارتواء. ولمامات طلعت مكانه على ضفاف الغدير زهرة النرجس فهي تطل أبدا على صفحة الماء، تتمرى عليه، وتهفو إليه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>