واحمل الناس على الإنصاف فإنك حينئذ ترى الفردوس المنشود.
٩ - كل هذا قد لا يملكه الفرد لنفسه وذريته وحياته، ولكن تملكه الأمة لأفرادها إن أرادت! وإرادتها حينئذ تكون من إرادة القدر الإلهي. . بل إرادة النفس هي بدء إرادة القدر الذي في حدود قوانين الحياة. أما القدر الذي يأتي من وراء الحدود فذلك أمره إلى الله وحده. وهو قليل ونادر جداً.
إن محمداً رسول الله هزم هو وجيشه في يوم (أحد) ويوم (حنين) لأن فئة من جيشه لم تأخذ بما أمرها به العقل فتركت في أحد أماكنها في الصفوف لشهوة صغيرة، وأعجبتها كثرتها في حنين فلم يحاب قدر الله الجميع ولو كانوا أصحاب محمد لأن القدر لا يحابي من يخالف قوانين الحياة. وفي ذلك إرشاد بالغ للمسلم حتى يعتمد على فكره وإرادته بعد أن يطلب التوفيق من الله.
إنني أتصور في بعض الأحيان أنني ألقيت بنفسي في النيل، أو لم أنحرف عن طريق ترام مقبل أو سيارة شبراً واحداً، فإذا بحياتي تضيع لأني أنكرت قوة من قوى الطبيعة لم أحسب حساباً أو استهزأت بها. وهي ذات بأس الحديد أو صعق النار أو غمر الماء.
إن الذي يقرا القرآن مليون مرة في مواجهة عدو مسلح لا يجديه ذلك شيئاً كما أن ينقذ آية واحدة منه وهي:(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة. . . الخ)! ذلك لأن اللص لا يجديه شيئاً أن يحفظ أو يتلو قانون العقوبات، لأن هذا القانون لم يوضع للتلاوة والاستظهار بل للتنفيذ.
فالأوامر القرآنية منزلة لتنفيذها وإقامة الحياة بها لا (لحفظها) وإهمال تطبيقها. وتلك حقيقة كثير من المسلمين فهمها مع الأسف.
وطبعاً ليس في هذا وعد بالجنة في الأرض بناء على تنفيذ هذه الوصايا. . ولكن في هذا زحزحة عن النار. . عن جحيم السخط والألم والنكران والجحود والشك في قيمة الإنسان وفي العدل الإلهي وعن النظر إلى التدين كحياة كآبة وضعف وحزن وضنى وألم وسخط وندم.
وبعد (فلنحاسب) الله (ولنحاكم) عدله الإلهي بعقل سام وفكر كبير كفكره تعالى في الطبيعة كلها. . وهذا لا يكون إلا إذا نظرنا إليه نظرة تتمثل فيها الإنسانية كلها لا نظرة أمة أو جماعة يزعمون أنهم شعبه المختار، فهم لذلك يعتقدون انهم أحق بكل ثروات الأرض وقوة