ولم أر كالدنيا حليلة صاحب ... محب متى تحسن بعينيه تطلق
تراها عيانا (وهي صنعة واحد) ... فتحسبها صنعَي لطيف وأخرق
ومن قول يذم جميع الناس:
إن الزمان زمان سوْ ... وجميع هذا الناس بوْ
وأطل علينا أحمد بن الحسين الكندي مجهورا هذا الكلام:
إذا كان الشباب السكر والشيب (م) ... هما فالحياة هي الحمام
هل الولد المحبوب إلا تعلة ... وهل خلوة الحسناء إلا أذى البعل
وما تسع الأزمان علمي بأمرها ... وما تحسن الأيام تكتب ما أملي
وما الدهر أهل أن تؤمل عنده ... حياة وأن يشتاق فيه إلى النسل
يقول ابن الأثير في كتابه (الوشي المرقوم في حل المنظوم):
(كنت سافرت إلى مصر سنة (٥٦٦) ورأيت الناس مكبين على شعر أبي الطيب المتنبي دون غيره، فسألت جماعة من أدبائها عن سبب ذلك، فلم يذكروا لي في هذا شيئاً، ثم إني فاوضت عبد الرحمن بن علي البيساني (القاضي الفاضل) في هذا فقال لي: (إن أبا الطيب ينطق عن خواطر الناس) ولقد صدق فيما قال) فهل نطق المتنبي بتلكم الأبيات عن خواطر الأناسين، أم لغابها عن سوانح الشياطين، إنهم الشعراء يفتلتون (ألم تر أنهم في كل واد يهيمون) و (الشعر للخَلَد مثل الصورة لليد، يمثل الصانع ما لا حقيقة له، ويقول الخاطر ما لو طولب به لأنكره). (وإذا رُجع إلى الحقائق فنطقُ السن، لا ينبئ عن اعتقاد الإنسان)
ودهمنا ابن الشبل البغدا_دي هتاتا جدافاً يردد هذا الشعر:
صحة المرء للسقام طريق ... وطريق الفناء هذا البقاء
بالذي نفتذي بموت وتحيا ... أقتل الداء للنفوس الدواء
قبح الله لذة لأذنا ... نالها الأمهات والآباء
نحن لولا الوجود لم نألم الفقد (م) ... فإيجانا علينا بلاء
ليت شعري وللبلى كل ذا الخلق (م) ... بماذا تميز الأنبياء
موت ذا العالم المفضل بالنطق (م) ... وذا السارح البهيم سواء
لا غويٌّ لفقده تبسم الأرض (م) ... ولا للتقيِّ تبكي السماء