للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وخلقُك من ربنا حكمة ... لقد جلَّ عن لعب أو عيث

وإن كانت برهمية وبوذية تريان الكون شراً، فليست البرهمية والبوذية على شيء، ولا يُحتسب بمثلهما. وإن عدهما (أرثر شوبنهور) أكمل الأديان طرأ من أجل هذا المعتقد

نعم (ما الدنيا إلا عمرَي ولا خلود إلا في الأخرى)

و (الدنيا قنظرة) قنطرة الآخرة؛ لكن هل علينا أن نقعد في القنطرة نشهق ونزعق، ونخمش الوجوه، ونلطم الخدود، ونلدِم الصدور حتى يجيء الأجل، حتى يجي وقت النقلة، و (الكتاب) يقول:

(ولا تنس نصيبك من الدنيا)

ونطق (الكتاب) فصل الخطاب

وإن كان القوم المتشائمون من الآخرين فسوف يُسألون: هل علمتم كيف كنتم؟ هل علمتم كيف كانت داركم؟ إنها كانت داراً تستعر استعاراً، ولم تزل بقايا خبايا في الزوايا تضطرم. فاقرءوا تاريخها، واقرءوا تأريخكم، وفتشوا صحائف الأنساب

(هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً)

وانظروا كيف عادت (محْلة) كيف عادت هذه (الغبراء)، وانظروا كيف عدتم بشراً، وكيف سدتم أقربين وأبعدين. وإن تأخر من عترتكم متأخرون إذ تقدم متقدمون، فتعلموا أن السابقين والمتوقفين المتمكثين لم يبرحوا في البدء، لم يبرحوا في أول الطريق، لم يبرحوا في الطور الشنبنزي كما قال توماس أدسن:

تشبه بعض ببعض فما ... تزال الشمائل قرديه

فأجد بالدهريين الذين ينشدون:

اجتنب ما سخرت جه ... لاً له هذى الخليقة

رغبوا في باطل زور ... يزهد في الحقيقة

ليس إلا ما تراه ... أنا أدري بالطريقة

خذ من الدنيا بحظ ... قبل أن ترحل عنها

فهي دار لا ترى من ... بعدها أحسن منها

فلا يرون أن هناك دارين، وأن هناك معنيين: معنى هذى، ومعنى تلك، بل يقولون: كل

<<  <  ج:
ص:  >  >>