يفنى. وبهذا إذا استمعوا لدعائه، التقوا مع المسلمين في هدف واحد. (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، إلا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً، ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله. .)، (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم، ولا تقولوا على الله إلا الحق، إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها خيراً لكم إنما اله إله واحد. . .).
وما الاستمرار الذي طلبه القرآن من المسلمين في الدعوى إلى الخير بقوله:(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. . .) إلا وسيلة للمحافظة على فصل الإنسانية بين المبدأ والشخص كما طلب الإسلام، وإلا خشية من أن يؤول الأمر، إذا أهمل المسلمون إلهاب شعور الفصل هذا عند الإنسان، إلى الوثنية في صورةٍ ما، وهي الانقياد للمشخص لأمر آخر غير المعاني العامة الثابتة التي مرد جميعها إلى الخير المطلق والكمال الدائم. ومن السهل، إذا لم تستمر الدعوة لما وضعه الإسلام من هدف، أن ينجذب الإنسان إلى الانقياد للمشخص لأن التشخص ناحية مادية، والمادة أرجح كفة ما وراءها في نظرة الإنسان الأولى.
والأديان السماوية كلها، وفي مقدمتها الإسلام، متفقة على توجيه الإنسان نحو المبدأ دون الشخص، أو متفقة على أن تكون عبادة الإنسان لما هو وراء المادة، وما وراءها هو غير المتغير. ولعدم تغيره كان وحده إذا قورن بالمادة كاملاً. وتعدد الأديان لا يقتضي اختلافها في هذا التوجيه، بل لأن الإنسانية لم تحرص في فترات متفاوتة عليه. ولذا كان لابد من تجديد إيقاظ هذا التوجيه عندها. والدين اللاحق إذا هو بمثابة تجديد لدعوة الدين السابق. وإن وجد اختلاف جوهري بينها فمنشؤه إذا رجال الدين أنفسهم لأنهم بإصرارهم على إفهامهم في الدين وقد تكون بعيدة عن هدفه العام وبمرور الزمن على هذا الإصرار يختلط ما أصروا عينه بما للدين في الأصل إذا نقل عنه. وتحريف الكلم عن مواضعه الذي ينسب إلى رجال أي دين من الأديان منه هذه الإفهام البعيدة التي أصروا على أنها لدين. (إن الذين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم. . .).
وليس الإلمام بمعارف الإسلام أو أداء رسومه الظاهرة هو عنوان سيطرة الإسلام على