للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من حياتها.

وقد رجعت إلى مقدمة هذا المعجم فوجدت وجوه الشبه كثيرة بين عملهم وعملنا، وبخاصة بين العقبات التي اعترضتهم والتي تعترضنا. ففي الطبعة الأولى التي صدرت منذ ٢٥٠ سنة قررت الأكاديمية أن تقصي من قاموسها المصطلحات العلمية والفنية إلا ما كان منها كثير الذيوع شائع الاستعمال. ولكن استعمال هذه المصطلحات ما لبث أن ذاع ذيوعا كبيراً بازدياد تذوق العلوم والفنون في القرن الثامن عشر، فلم ير المجمع مفراً من أن يفسح صفحات قاموسه في طبعته الرابعة (سنة ١٧٦٢) للمصطلحات الأولية في العلوم والفنون والمهن مما يحتاج إليه الكاتب ويجده القارئ حتى في المصنفات التي لا تتناول هذه الموضوعات بالذات. ثم جاء في تصدير الطبعة السابعة (سنة ١٨٧٧) أن الأكاديمية ارتضت أكثر من ألفي كلمة علمية وفنية لشدة الحاجة إليها.

ولما شرعت تعد الطبعة الأخيرة التي صدرت منذ عشر سنوات كانت الكلمات العلمية والفنية قد طغت على اللغة، فأن العلوم القديمة في عالم البخار والكهرباء والآليات قد تجددت معالمها وتعددت فروعها، وظهرت علوم ومخترعات جديدة، كما حدثت انقلابات كبيرة في عالم الاقتصاد والسياسة والاجتماع مما دعا إلى استنباط عدد كبير جداً من المصطلحات ذاعت وشاعت وعم استعمالها بين جميع الطبقات بفضل المدرسة والصحافة. ولاحظت الأكاديمية أن من هذه المصطلحات ما هو ابن يومه ومصيره إلى الزوال، ومنها ما هو مضطرب الاشتقاق، وليد الارتجال. فلم يكن من التمحيص والتروي طويلا قبل إقراره، شكلا وصيغة، لإدماجه في قاموس المجمع.

وبعد تخير هذه الألفاظ وصقلها وتهذيبها، واجه المجمع صعوبة أخرى، كالتي نواجهها في مجمعنا اللغوي، وهي وضع التعريف الجامع المانع، للكلمة المختارة. فكانت الأكاديمية كثيراً ما تحتاج في كل ذلك إلى الاستعانة بالأكاديميات الأخرى - كأكاديمية العلوم وأكاديمية الفنون وأكاديمية الطب. أو إلى الاسترشاد بآراء الأخصائيين والخبراء في المادة المبحوثة كما نفعل هنا

ولم تقتصر مهمة التحديد والتعريف على المصطلحات الجديدة بل امتدت إلى كثير من الكلمات القديمة التي كان تحديدها ناقصا أو غامضا أو التي تطور مدلولها مع الزمن.

<<  <  ج:
ص:  >  >>