وعملت الأكاديمية كذلك على حذف الكلمات المماتة أو المهجورة، فأزالتها من قاموسها، وأحالتها إلى معجم اللغة التاريخي، كما أحالت إلى المعجمات الخاصة أسماء الأعلام والمسميات الجغرافية وما إلى ذلك مما لا يتسع له معجم اللغة.
وقد عرضت الأكاديمية الفرنسية كذلك لما نعرض له الآن من تبسيط قواعد النحو وتسهيل القراءة. وانتهى بها الأمر أن أعلنت أنها لا تدعى التشريع في القواعد، ولا الوصاية أو القوامة على الإملاء. بل اكتفت بما قام به أحد أعضائها في الطبعة الرابع من قاموسها منذ نحو قرنين من إدخال تعديل على كتابة عدد كبير من الكلمات كانت تدخل في هجائها أحرف لا فائدة منها سوى الدلالة على أصلها اللاتيني أو اليوناني. وأبى المجمع في الطبعات التالية أن يسير إلى أبعد من ذلك، مكتفيا بصورة الإملاء التي أقرها الاستعمال الطويل والتي طبعت بها ألوف المصنفات المنتشرة في العالم، ورأت أن تغيير هذه الصورة في الكتابة يدخل البلبلة والاضطراب في الأفكار مقابل فائدة ضئيلة لا يؤبه لها.
أما نحن فلم نصل إلى هذه المرحلة التي وصلوا أليها، وقد نكون في المرحلة التي كانوا فيها منذ قرنين فنحتاج إلى شيء من التبسيط في القواعد والى بعض التعديل في كتابة الكلمات. دون مساس بالجوهر.
ومن ينعم النظر في تنوع الصعوبات عند إعداد القاموس الوافي يجد من التجني على المجامع اللغوية اتهامها بالبطيء في عملها. وإذا كان المجمع الفرنسي قد سلخ ثلاثمائة من السنين للتغلب على جانب من هذه الصعوبات فان لمجمعنا، وهو لا يزال في عهد الطفولة بعد عشر سنوات فقط من إنشائه، بعض العذر، بل كل العذر، في عدم تحقيق جميع الأغراض التي أنشئ من أجلها، لا سيما وأن الصعوبات التي واجهت غيرنا تباعا قد واجهتنا مرة واحدة مجتمعة.
أيها السادة: قلنا إن المجمع الفرنسي هو بكر المجامع اللغوية القائمة، وعلى منواله نسجت المجامع التي أنشئت فيما بعد في البلاد الأخرى، لذلك نستطيع بعد أن تبسطنا في سرد تاريخه وبيان مهمته أن نمر سراعا بسائر المجامع.
ففي سنة ١٧٠٠ أنشأ فردريك الأول مجمع العلوم في برلين بإيعاز من الفيلسوف ليبنز، وقد حول فردريك الثاني الكبير هذا المجمع إلى (الأكاديمية الملكية للعلوم والآداب) وكان