أحسن لقاء، ويخاطبك خطابا جميلا، وفي الضمير والمعتقد ما أبان الشيخ. فإذا طال تكلفه ما يتكلفه واستمر اعتياده ما يعتاده (وعادة المرء تدعى طبعه الثاني) كما يقول شيخنا حاكي بعد أدهار باطنه ظاهره، أشبه جوانيه برانيه، وحسبك منه اليوم ذاك اللقاء وذاك العطاء، وان كان في ضمير النفس نار تقد، وساء ما يعتقد.
. . . كذلك سخرناها لكم
قال الإمام ابن قيم الجوزية في كتابه (طريق الهجرتين وباب السعادتين): (. . . ولما انتهى أبو عيسى الوراق إلى حيث انتهت إليه أرباب المقالات طاش عقله، ولم يتسع لحكمة إيلام الحيوان وذبحه صنف كتابا سماه (النوح على البهائم) فأقام عليها المآتم، وناح وباح بالزندقة الصراح)، وقال العلامة الفيومي في (المصباح): (. . . ويحرمون - يعني البراهمة - لحوم الحيوان، ويستدلون بدليل عقلي فيقولون: حيوان برئ من الذنب والعدوان فإيلامه ظلم، خارج عن الحكمة. وأجيب بظهور الحكمة؛ وهو أنه استسخر للإنسان تشريفا له عليه، وإكراما له كما استسخر النبات للحيوان تشريفا للحيوان عليه. وأيضا فلو ترك حتى يموت حتف أنفه مع كثرة تناسله أدى إلى امتلاء الأفنية والرحاب وغالب المواضع، فيتغير منه الهواء، ويكثر به الفناء، فيجوز ذبحه تحصيلا للمصلحة، وهي تقوية بدن الإنسان، ودفعا لهذه المفسدة العظيمة. وإذا ظهرت الحكمة انتفى القول بالظلم والعبث).
وشيخنا المعري يقول داعيا إلى الارتفاق به:
يأكل أطايب الأعفاء، من سمح بالرسل في أيام السفاء، ويلج الغمار باذل السمار، وتثنى الضيفان، على الجائد بملء الجفان. لا يثني عليك فصيل بالأصيل. ومن أخضرت شربته بالواو أكمات مربده بالتمر الجلاد. ومن ركب العامة في طلب الصيد كانت بطون عياله قبوراً للحيتان. ومن تتبع بقوسه موارد الوحش كثر في منزله الوشيق.
وقال (الوليد): النبع ليس بمثمر ... وأخطأ، سرب الوحش من ثمر النبع
جِلَّة ابلك وعشارها. أروت ضيفك غزارها، وملأت جفانك وذارها، لن تبكيك بكارها إذا السنة كثر قطارها، وذبح في الروضة فارها، واعتم بالروضة بهارها. سالم ابنك شرارها.