قُد نَفسك إلى الواجب ولو بجرير، وكِد معاديك بأن تجتنب أفعال الكائدين، ودل السائل لتكون نعم الدليل، ودم على ما قربك من الأبرار الطيبين، ودِن من فعل خيراً معك فإنك مدين.
يا بغاة الآثام، وولاة أمور الأنام، مرتعُ الجور وخيم، وغبه ليس بحميد، والتواضع أحس رداء، والكبر ذريعة المقت، والمفاخرة شر الكلام. كلنا عبيد الله.
من بخل بطعام فقد بخل بقليل الأنعام.
بعدت رائجة قُتار، تظهر تارة بعد تار، ثم لا ينال خيرها الفقير.
النفاق يلبسك ثوب الإشفاق، والافتقاد يذهب الأحقاد. والأشر يهلك البشر، لا كتبنا الله مع الأشرين!
ماروا قُطُر ورائحة حبيب عطر بأطيب من ثناء مستطر يثنى به بَرّ على مُبر.
تلكم طائفة من أقوال الشيخ، وفيها التفاؤل كله في الحياة، وفيها الأثرية - كما أن فيها الإيثارية - وكان شيخنا (يلعب بالشطرنج والنرد، ويدخل في كل فن من الجد والهزل) كما روى الصفدي في (نَكْت الهميان)
وكان خفيف الروح يَدْعب ويُفاكه، ومن فكاهته في إحدى رسائله إلى أبي الحسين أحمد بن عثمان النكتي البصري وقد غير هذا اسمه، وقصر كنيته - هذه النبذة:
(. . . وأهل البصرة (سلمهم الله) ينسبون إلى قلة الحنين، أليس قد مرت به هذه الحكاية وهي أنه وُجد على حجر مكتوب:
مَا من غريب وإن أبدى تجلّده ... إلا سيذكر عند العلة الوطنا
فكتب تحته إلا أهل البصرة. فإذا كانت تلك سجيتهم مع أهلهم وأوطانهم، فكيف بالذين عرفوهم من إخوانهم، والدليل ما قلت أنه - أدام الله عزه - لم يُثبت اسمى، جعلني محمداً واسمي أحمد. . . وله أن يقول إنه تشبث بالكنية فاستغنى بها عن الاسم. فأما أنا فحفظت اسمه وكنيته ونسبه، ولم أنس أيامه ولا مذاكرته، وقد جعلت كتابه نائبا مناب الاجتماع معه. . .
وما عبت على أهل البصرة قلة التفاتهم إلى الأوطان وإنما وصفتهم بقوة القلوب والأكباد لأن العرب تصف نفوسها بذلك، أليس قد بلغه قول قتاد بن مسلمة الحنفي: